خور عبدالله في الثاني من آب
فاتح عبد السلام
اليوم هو الثاني من آب، ذكرى غزو صدام حسين الكويت، لا الجيش العراقي ولا الشعب العراقي ولا الحكومة العراقية في ذلك الزمن مسؤولة عمّا حدث، كما انّ أيّ طرف لم يكن يعلم شيئاً، أكثر من انذار عسكري داخلي ومحصور في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة مصاحب لعودة الوفد العراقي من القاهرة، وفشل ذلك الاجتماع بحضور الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
حدث الغزو ولم يسبق في الاعلام العراقي الموجّه أن وردت كلمة واحدة عن المطالبة بـ(عودة الفرع الى الأصل) و(عائدية قضاء الكويت الى لواء البصرة) كما جرى بث ذلك دفعة واحدة بعد ساعة من اعلان احتلال الكويت. ولم يكن في الأفق الملبد سوى تضمين العراق مذكرة رسمية ألفاظاً صريحة ضد الكويت كالسرقة والتآمر، وجّهها وزير خارجية العراق الاسبق، طارق عزيز، إلى الأمين العام للجامعة العربية، في حينها، الشاذلي القليبي، وحملت تاريخ 15 تموز 1990 أي قبل الغزو بأسبوعين تقريباً.
اليوم، مضت على ذلك اليوم الكارثي في تاريخ العراق والمنطقة كلها خمس وثلاثون سنة. ولا يزال العراق في نفس ذلك النفق، لم يخرج منه بالرغم من حرب احتلال الامريكان للعراق والتي انطلقت معركتها الأولى انطلاقاً من شمال الكويت نحو البصرة والناصرية. وبالرغم من مجيء نظام جديد في العراق مسحَ بكل قوة أية صلة مع الحقبة التي سبقته، فلا يزال العراق عالقا في نفق تداعيات ما صنعه صدام نفسه ولا أحد سواه. هذه حقيقة تاريخية لا يمكن أن تخضع للانحياز السياسي أو العاطفي أو المبررات بأثر رجعي بسبب سوء النظام الذي جاء بعده. ثمّة تاريخ لا يمحى، ولا أحد يريد ان تتكرر الأخطاء التاريخية بصيغ جديدة أو مشابهة، من خلال قضية “خور عبدالله” التي تشحن الأجواء وتحشد الساسة والخطباء ومواقع التواصل الاجتماعي وقطاعات شعبية والمتربصين بالفتن والاضطرابات، كما لم يحدث أبدا عندما غزا رئيس العراق في العام 1990 دولة الكويت وألغى عنها صفة الدولة وألحقها محافظة تاسعة عشرة بالعراق، وكأنّ العالم بقاراته السبع غير موجود.
اليوم لا يتوافر في العراق زعيم أوحد يمتلك السلطات كلها ويقرر بليلة واحدة غزو بلد آخر، لكن يوجد في العراق نوع من الفوضى والضياع والضبابية فضلا عن وقوف العراق نفسه كبلد على مفترق طرق داخلية قد ترسو به الى ضفة مفاجئة، وتكون أية أزمة مع الكويت مجدداً، عنوانا لأحداث كبيرة.
يستغرب أي مراقب أن تكون الكويت ذاتها غير مدركة سرعة تدحرج كرة الثلج، وغير مقدرة تعقيد الأوضاع مع العراق وعدم صفاء أجوائها أبداً بالرغم من كل العلاقات التي صنع وجودها الوضع السياسي الجديد في بغداد بمساعدة الامريكان حين احتلوا البلاد في العام 2003.
لا أريد أن أقول كل شيء هنا، فالقضية لا تختزل وليست بسهلة مطلقاً.
fatihabdulsalam@hotmail.com