تجنّب الحوار العقيم مع الجهلاء
ديار صلاح الزهاوي
يُثير الدكتور عبد القادر الشيخلي في كتابه المعنون «أخلاقيات الحوار» ظاهرة منتشرة في مجتمعنا اليوم، ألا وهي الحوار العقيم الذي يجري مع المتعصبين فكريًا والمنغلقين على تفكيرهم، ممن لا ينفتحون على الرأي الآخر.
ويدعو الدكتور من يكتشف – لأول وهلة – هذا النمط من الحوار إلى التوقف عن الاستمرار فيه، حتى وإن بدا للمقابل أو للغير أنه مغلوب أو منسحب.
وأقول إن الإنسان المثقف اللبيب بأمسّ الحاجة إلى إدراك هذه الحقيقة، وهي أن ليس كل حوارٍ يخوضه مع الآخر يصبّ في مصلحته؛ فهناك متحاورون متمسكون بأفكارهم أشدّ التمسك، ويدّعون امتلاك حقائق مطلقة لا يمكن إلا التسليم الكامل بها، وأما ما يمتلكه الآخر، فليس في نظرهم أكثر من حقائق باطلة وغير مجدية.
وقد عبّر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن هذا المعنى بدقة حين قال:
«لا تناقش الجاهل كي لا يغلبك بجهله.»
فالجاهل لا يُبالي بالوسائل التي يستخدمها لإثبات فكرته، ولا يلتزم بالموضوعية، ولا بحدود الحوار الأخلاقي، بل يراه حلبة صراع لاكتساب الغلبة، ولو بالكذب والمغالطة.
فهو لا يسعى إلى الحقيقة، بل يسعى إلى هزيمة الآخر وإثبات تفوقه، ولو على حساب العقل والمنطق والاحترام.
إنه بعيد عن إدراك أن من أهم أهداف الحوار الاستزادة من المعلومات والثقافة، والالتفات إلى أفكارٍ ربما لم يكن يُدركها سابقًا.