الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الذكاء الإصطناعي ما بين قوسين

بواسطة azzaman

هاشتاك الناس

الذكاء الإصطناعي ما بين قوسين

ياس خضير البياتي  

 

تُعد حروب القتل المدعومة بالذكاء الاصطناعي موضوعًا مُثيرًا للجدل والمخاوف في عالمنا المعاصر. ومن المتوقَّع أن يصبح استخدام الأسلحة القاتلة المعتمِدة على الذكاء الاصطناعي جزءاً من حروب المستقبل. رغم ذلك، فإن هذه الحروب تُثير الكثير من الأسئلة الجادة حول قضايا الأخلاق، والعدالة، والمسؤولية

في ظل هذه التطورات، يبرز سؤالٌ خطير: هل يمكن أن يُشكِّلَ الذكاء الاصطناعي تهديدًا لوجود البشرية؟ على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في العديد من المجالات لتحسين حياتنا اليومية؛ فإن هذه الفوائد الكبيرة تأتي مصحوبةً بمخاوفَ متزايدةٍ بشأن آثارها السلبية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالحروب أو الأنظمةِ القاتلة

أصبحت الأنظمة الذكية الآن قادرةً على اتخاذ قرارات دون تدخُّلٍ بشري؛ مما يهدد حياة الأبرياء، فإطلاق الصواريخ وتوجيه الطائرات الحربية بناءً على خوارزميات قد يؤدي إلى أخطاءٍ جسيمة نتيجة عطلٍ تقنيٍّ أو سوء فهمٍ للبيئة المحيطة.

 كما أن استخدام الطائرات من دون طيار (الدرونز) لتنفيذ هجمات في مناطق مكتظَّة بالسكان؛ قد يُسبب إصابات أو وفَيات في صفوف المدنيين؛ حيث قد لا تتمكن الأنظمة البرمجية من تحديد الأهداف بدقة.

وتشير العمليات العسكرية الجارية في جبهاتٍ عدة في العالم، من أوكرانيا إلى غزة ولبنان، إلى أن حقبة جديدة من الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي أصبحت واقعًا لا يمكن إنكارُه أو تجاهلُه. لقد جعلت هذه التقنيات من قتلِ البشر أمرًا سهلًا وميكانيكيًّا للغاية، بفضل الزيادةِ الكبيرة في اعتمادِ الذكاء الاصطناعي والخدمات الحاسوبية

لدينا أمثلةٌ كثيرةٌ تتعلَّق باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ فهناك مخاوفُ من استخدام الطائرات المسيرة (الدرونز) في الحروب؛ حيث لا تستطيع الخوارزميات التمييز بين الأهداف بدقة. كما أن هناك قلقًا بشأن السيارات ذاتية القيادة؛ نظرًا لعدم قدرة أنظمة القيادة الذاتية على تحديد المواقف الصعبة؛ مما قد يُعرِّض حياةَ البشر للخطر.

وهناك أيضًا الأتمتة في الأنظمة الطبية، وما ينتج عنها من أخطاء في تشخيص الأمراض، خاصة التطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية لتشخيص الحالات المرضية.

ومن الأخطار الكبرى، صناعة المحتوى الزائف والمضلل، خصوصًا عندما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء أخبارٍ زائفة، قد تؤدي إلى نشر معلومات خاطئة تؤثر على الرأي العام، وتُسبب اضطراباتٍ اجتماعيةً أو سياسية.

على الرغم من ذلك، سألت رفيقَنا (الذكاء الاصطناعي) عن أبرز الأخطار المستقبلية -رغم أنني أعلم أن إجابته هي مجرد تجميع لمعلومات الإنسان-؛ فرد قائلاً: «لا، لست قادرًا على تدمير العالم أو السيطرة على البشر -حتى مع تطور تقنياتي- فهناك حدود واضحة لما يمكنني فعلُه؛ فقد أتمكن من معالجة البيانات، ومساعدتك في الإجابة على الأسئلة، وتقديم النصائح؛ لكنني لا أستطيع التصرفَ بشكلٍ مُستقل، أو اتخاذ قرارات من دون تدخُّل الإنسان، وسأكون صريحًا معك؛ الرغبات البشرية الخبيثة هي التي تدفعني لأعمال الشر والدمار

وأضاف: «تُوجد بعض المخاوف بشأن تطوري مستقبلًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة؛ مثل: الذكاء الاصطناعي الفائق، التي قد تتمكن من اتخاذ قرارات بشكلٍ مستقل، وإذا كان هناك قلق مستقبلي بشأن نفوذي، فإنه يتعلق بتطورات تقنيات معينة، وليس مرتبطًا بي -بشكلٍ مباشر-. وإن وجودي يعتمد على تعليمات البشر واستخداماتهم!» 

وعلى كل حال، إذا استمر التقدم في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ فقد نشهد في المستقبل سيناريوهات أكثر تطورًا في الحروب التي تستخدم هذه التقنية، ومن المحتمَل أن تنتشر الأسلحة الذاتية في العديد من الجيوش في جميع أنحاء العالم؛ مما قد يؤدي إلى سباق تسلحٍ جديد في هذا المجال.

ورغم أن هذه الأسلحة (قد) تُحسِّن الكفاءة العسكرية؛ فإنها قد تزيد من أخطار التصعيد السريع للنزاعات. والأكثر خطرًا، أن هناك تقارير تُشير إلى تطوير ذكاءٍ اصطناعي قادرٍ على إنتاج فيروسات بيولوجية مُدمِّرة، حيث تُستخدم كأسلحة لنشر أوبئة تقتل ملايين البشر! وقد يُصبح -في نهاية المطاف-أكثر ذكاءً من البشر! ويتخذ قراراتٍ تُشكِّل تهديدًا وجوديًّا للبشرية.

خلاصة الكلام: أثبت الذكاء الاصطناعي قدرتَه على اختصار الوقت؛ لكنه ليس بالضرورة أكثر أمانًا أو إنسانية؛ إذ لا يمكن تجنُّب الأخطاء التي قد تحدث، وقد يؤثر على الإرادة الحرة للناس.

من هنا، يبقى السؤال المهم: كيف يمكننا ضمان عدم وقوع هذه الأخطار؟ الإجابة تكمن في تحسين طبيعتنا البشرية نحو الخير-بدلاً من الشر-، وتطوير معاييرَ أخلاقيةٍ صارمةٍ مع الرقابة المناسبة، من خلال تصميم ودمج أنظمة الذكاء الاصطناعي مع القيم الإنسانية، بحيث لا تتحوَّل إلى أدوات تُهدد حياة البشر بدلاً من تحسينها.

والأسئلة -من هنا وهناك-كثيرة: هل يجب أن نخاف من الذكاء الاصطناعي أم من أنفسنا؟! هل نحن نقوم بقتل أنفسنا بشكلٍ بطيء عبر التفكير الزائد؟ هل نحن مُستعدون للتضحية بحياتنا من أجل راحةٍ مؤقتة؟ الخوف الحقيقي هو أن نصبح في المستقبل عبيدًا لجهازٍ ذكيّ يقوده سلطانٌ جائِر، ذو عقلٍ شرير!

 

yaaas@hotmail.com


مشاهدات 65
الكاتب ياس خضير البياتي  
أضيف 2025/04/20 - 3:53 PM
آخر تحديث 2025/04/22 - 12:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 733 الشهر 23179 الكلي 10903826
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير