فاتح عبد السلام
جميع أنواع الرقابات الإعلامية وحتى السياسية خداع للنفس قبل الغير، في زمن بات كل شيء مفتوحا، والرأي الذي يقال في اقصى شمال الكوكب يصل الى عمق جنوبه، عبر وسيلة إعلامية احترافية او تطبيقات للتواصل الاجتماعي او ربما اتصال هاتفي عابر. التكنولوجيا فتحت أسرار وكالات استخبارية عالمية في ملفات مثيرة، ولا تزال بعض الأنظمة العربية متخوفة من اتصالات هاتفية او تطبيقات اجتماعية او تجمع يزيد على خمس اشخاص في ملهى او مقهى او شارع.
بالرغم من مجالات الحرية التعبيرية الهائلة في الولايات المتحدة ودول أوربية، الا انَّ هناك قيوداً من نوع ما تخترعها بعض الحكومات لأسباب مرحلية أو ظرفية أو طارئة امام حرية
تناقل المعلومات أو مواجهة الاخبار والتقارير غير المرخصة من أجهزة مختصة في الإدارات الحكومية أو الأمنية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عانى الأمرين من حصار اعلامي صبَّ في غير صالحه في فترة إدارة بايدن. لذلك نجده اليوم يتخذ قراراً جريئاً لإلغاء وكالة حكومية كانت تعنى بالتصدّي للتضليل الإعلامي الأجنبي، واعتبرت ادارته أن القرار يصبّ في جهود صون «حرّية التعبير”.
ويأتي إغلاق «مركز التصدّي للتلاعب بالمعلومات والتدّخل من الخارج»، المعروف سابقا باسم «مركز الالتزام العالمي»، ولم يكترث البيت الابيض بتحذيرات من خبراء بشأن حملات التضليل الإعلامي المدبّرة من خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين وروسيا.
ترامب يرى العالم مفتوحا ان الحرب الروسية الأوكرانية او الحرب التجارية مع الصين اصبحتا من الاخبار المشاعة تحت الشمس ولم تعد اخبار او تصريحات تغير حقائق تستند الى قرارات ومصالح وتوقيتات خاصة.
وزير الخارجية ماركو روبيو قال ببساطة، على المسؤولين الحكوميين صون حقّ الأميركيين في ممارسة حرّية التعبير وحمايته”.
وقال الوزير الامريكي «في عهد الإدارة السابقة، أنفق هذا المكتب الذي يكلّف دافعي الضرائب أكثر من 50 مليون دولار في السنة ملايين الدولارات في مساعيه لإسكات أصوات أميركيين يفترض به أن يكون في خدمتهم وممارسة رقابة عليهم»، مؤكدا «انتهى الأمر اليوم”.
دائما، تكون الأسباب الأمنية ومصالح البلد العليا وحجج ظرفية مختلقة، العامل القامع للحريات في بلداننا، لذلك لم تتطور صحافة العرب وقنواتهم الاعلامية بالرغم من مئات ملايين الدولارات التي تنفق على التلميع والبهرجة والاخبار الرسمية، فيما المواطنون المتعطشون للمعلومات التي تخص مصير بلدانهم واوضاعهم المعيشية يعزفون عن اعلام» استقبل وودّع وشجبَ ودانَ وزارَ» باحثين عن الحقائق عبر المحيطات.