لمن نقرع الأجراس؟
عودة الروح إلى بغداد
هاشم حسن التميمي
يتابع الناس باهتمام محاولات صيانة وترميم المعالم القديمة في بغداد واخرها ونامل ان لايكون اخيرها، احياء ابرز المواقع التراثية في شارع الرشيد وهو من اقدم شوارعنا وموطن ذكرياتنا الشخصية والوطنية. وهذه الخطة لاتهدف لاظهار ما اندرس من معالم لمبان وشوارع بل يمتد وعي الاعمار لتنشيط الذاكرة الشعبية وتحويل اتجاهاتها لتنشيط منظومة قيمية في ذهن المواطن ترسخ هويتنا واهتماماتنا المشتركة ، ولهذا تتجه الجهود لبعث الحياة في رمزية تلك الاماكن وقيمتها في التاريخ الوطني والذاكرة الشعبية ويتم ذلك من خلال تجسيد المعلومات عبر فعاليات فنية وثقافية وادبية واقتصادية تسلط الضوء على حقب مضيئة في نضالنا الوطني والانساني وهو ما يحدث الان فعليا في شارع المتنبي.
ولابد من لفت الانتباه الى اهمية هذه العملية الجراحية لانقاذ مديتنا التي طمرها الاهمال والنسيان وسرق الاضواء منها انشغال اجيالنا بما انتجته الحضارة الحديثة من وسائل جذب غيرت ترتيب واجندات اهتماماتنا من التفكير والثقافة الى الترفيه المستهلك للوقت والطاقة بل جرفت هذه المبتكرات وسرعة انتشار الاخبار والتصريحات حتى الجيل المحسوب على العقلانية والوطنية للانجرار خلف معارك تافهة مبالغ فيها تغذيها دوافع الجهل ومصالح شخصية وفئوية مريضة فكانت المفاجأة الاسيوع الماضي معارك وصراعات ثبوت رؤية هلال العيد وكادت ان تغرق الشارع بالدماء وهذه لعمري فضيحة تفرغ الدين من محتواه وتوظفه للانشقاق بدلا من الوحدة والاتفاق. وتكشف عن زيف ثقافتنا وهشاشة وحدتنا، ولعل ماتبذل من جهود هي محاولة نبيلة لجمع شتات الذاكرة البغدادية والعراقية لتكون نواة وحدتنا حين تفرقنا اجتهادات طائفية نريد وأدها الى الابد. وفي الوقت الذي نثمن ماتقوم به رابطة المصارف الاهلية ورئيسها العراقي الغيور السيد وديع الحنظل وبالتعاون مع البنك المركزي العراقي وامانة بغداد ونخبة من المعماريين والاداريين والمثقفين من مشاريع تركت بصماتها على شوارع وساحات بغداد نقترح ان تكتمل الصورة بالاستماع لاراء بعض المهتمين بتاريخ بغداد ومن اصحاب الرؤى لكيفية الاحياء وطرقه وخريطته التكاملية وتوظيف ذلك في مشاريع ثقافية وسياحية لتكتمل حلقات الاعمار المادي والمعنوي ويجب ان يرافق ذلك طبعا مشاريع البنية التحتية وهذا من واجبات الحكومة. نكرر سعادتنا لانهاض بغدادنا ونحلم ان تطلع هذه الجهات لما اقترحناه سايقا من امتدادات لشارع الثقافة والسياحة وان لاتتوقف المشاريع عند حفل الافتتاح ويعلق المشروع كما حدث في شارع ابي نؤاس.. ولعل احياء المقاهي البغدادية القديمة التي كانت ملتقيات للنخب المثقفة ومنها ما شهد حفلات لكوكب الشرق ام كلثوم ونجوم المقام العراقي القبنجي والقندرجي ويوسف عمر ... نعم لتكتمل الصورة وتتحول الثكنة العسكرية في باب المعظم لمتحف عن تاريخ الجيش العراقي. ويحذونا الامل لاعادة اظهار واعادة اعمار اسوار وابواب بغداد المدورة فسيكون ذلك انجازا تاريخيا غير مسبوق ويتحول جامع الرحمن المهجور بعد انتهاء اغتصابه من احد الاحزاب لمتحف للفن الاسلامي قبل السطو عليه وتحويله لمول او مجمع استثماري لاصحاب المليارات... وعسى ان تنتقل هذه الروح لمجالس المحافظات ويحولون مليارات حملاتهم الانتخابية المبكرة لاحياء تراث مدنهم فهى الابقى وكراسيهم النيابية هي الزائلة اليوم او غدا.. ولايصح الا الصحيح.