مهنيون في المهب

سناء وتوت

تشهد مؤسسات إعلامية طغيان مونتير أو منضد أو عامل صيانة، يدجن المهنيين طوع صلافته، فينفرط عقد تماسكهم، منهارين أمام جبروته التأملي المدروس.. المخطط له بدهاء، نظير تلقائيتهم الإجتماعية، حيث لم يتعلموا من (لعبة المشاطرة) سوى الإجادة المهنية. وهؤلاء عندما يجدون أنفسهم مداهمين بشخصية جائحة.. لا راد لسطوتها، يلجؤون الى إستمالته بطرق تملق إسترضائية، توهنهم وتزيده قوة؛ فيكريس المؤسسة لمصلحته الشخصية.. طغاة الإعلام حالياً يمنحون من ثبَّتوهم فتات عظام لاكتها كلابهم المدربة على إرهاب الآخرين. يسخر من مهنة لا يجيدها، لكنها سودته رئيساً قائماً بذاته، ماسخاً القامات المحترمة.. إهزوءة مضحكة... يحجب معارضيه ويقصي من يذكره بتاريخه وأصل وجوده ويقرب الممالئين.. يستقوي بهم على الجميع، حتى عليهم هم أنفسهم، إذا ثقلت موازينهم من دونه. حيث ينص إحد مبادئ علم إدارة الأفراد.. أكاديمياً، على أن المؤسسة التي تتهاوى، يتفرعن فيها شخص وقح، من خارج المهنة.. فإذا هي مستشفى، هو لا طبيب ولا ممرض ولا صيدلاني ولا... وإذا المؤسسة مصنعاً، فهو ليس مهندساً ولا حرفي ولا... وإن كانت مدرسة، فهو لا مدرس ولا سبورة أو طبشور.. يجمع المهنيين حوله.. يمسخهم إستزلاماً، ويمسك أركان المؤسسة بقبضته.. يوظفها لمصلحته، مع ضخ المزيد من عناصر الإنهيار.  والعراق.. بمفاصله كافة وميادين الحياة المادية والمعنوية فيه، محض عنقاء تحاول أن تستجمع رمادها لتطير، فيذروها الطغاة القادمون من حافة الإدارة ليتبوؤا مركزها، فارضين أميتهم سياق عمل ملزم بحكم الصلاحيات التي يمنحونها لأنفسهم متمتعين بسلطة مطلقة، يبسطون الجهلَ قاعدةً والمعرفةَ إستثناءً، ومن يعترض يسحقونه أو يكلفون أقرب ثقاته بالخيانة.

وتلك آفة ثابتة، في علم إدارة الأفراد، أقرها الواقع وإعترفت بها الدراسات الأكاديمية.. نعيشها ميدانياً، حيث ما تأملنا في الإعلام وسواه من شؤون الحياة العراقية الراهنة.لكي تكون ذا منصب مفصلي في الزراعة، ليس بالضرورة أن تستحصل شهادة جامعية في تخصيب التربة وغرس البذور، إنما يكفي أنك سبق وقلمت أشجار حديقة بيتكم! ولترأس مجلس إدارة قناة فضائية، لا تحتاج خبرة أكثر من مشاهدة فيلم السهرة ليلية الخمـــــــيس قبل نهار الأربعاء 9 نيسان 2003.