الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الواسطي و إبداع في لوحة

بواسطة azzaman

الواسطي و إبداع في لوحة

علي البدر

 

هذه اللوحة للتشكيلي انور جميل الواسطي  تنتمي إلى الأسلوب التعبيري الواقعي حيث تسعى إلى إيصال إحساس بالحركة والدراما العاطفية من خلال الألوان والتكوين. اللوحة تظهر ملامح الوجه والتفاصيل بوضوح، ولكن مع لمسات سريالية في تدرجات الألوان. هناك أيضًا تأثيرات انطباعية في طريقة التعامل مع الخلفية، مما يمنحها طابعًا ديناميكيًا يوحي بالحركة. الخلفية تمزج بين الأزرق الداكن والأسود في الجهة اليسرى، مما يضفي إحساسًا بالغموض أو الماضي، مقابل الأصفر والبرتقالي في الجهة اليمنى، مما يعكس الحيوية والطاقة وربما المستقبل.

فستان المرأة البرتقالي الزاهي يجعلها نقطة التركيز البصرية ، بينما العباءة تخلق توازنًا بين السكون والحركة. تفاصيل العربة الزرقاء وعناصر الزينة الملونة تخلق تناغمًا بين الحاضر والتقليدي، حيث يبدو المشهد وكأنه يمزج بين الحداثة والتراث.

نظرة المرأة المستقرة إلى الأمام بثقة، تعكس مسحة تأملية في عينيها، وكأنها تحمل حنينًا أو تفكيرًا عميقًا في شيء غير مرئي. تعبيرات الوجه متوازنة بين القوة والنعومة، ما يجعل الشخصية تحمل بعدًا نفسيًا يعكس صراعًا داخليًا بين العزيمة والتردد.

وبخصوص العناصر التشريحية فإن حركة الجسد متناسقة ديناميكيًا؛ القدم التي تلامس الأرض توحي بأنها على وشك النزول أو المغادرة، بينما اليد التي تمسك بالعربة تمنح إحساسًا بالتردد والتأني أو التعلق بشيء ما. العباءة السوداء التي تنساب مع الريح تخلق إحساسًا بالحركة، مما يضيف بعدًا دراميًا للّوحة. التناسب التشريحي جيد، مع الاهتمام بتفاصيل الوجه واليدين والقدمين بطريقة تعزز التعبيرية أكثر من الواقعية الصارمة.

العربة التقليدية، قد ترمز إلى السفر أو التحولات في الحياة، وكأن المرأة في لحظة انتقالية. الألوان الداكنة في الخلفية مقابل الألوان الدافئة في المقدمة قد تعني التناقض بين الماضي والمستقبل. المرأة هنا ليست مجرد عنصر جمالي، بل تحمل في وضعيتها وتعابيرها دلالات عن القوة الداخلية، وربما لحظة اتخاذ قرار حاسم.

اللوحة تحمل إحساسًا بالمكان والزمان المتداخلين. التباين اللوني يعزز المعنى النفسي، بينما تعبير الوجه ووضعية الجسد يضفيان بعدًا قصصيًا، ما يجعلها لوحة تعكس مشاعر عميقة تتراوح بين التردد والعزم، بين الرحيل والبقاء، وبين الماضي والمستقبل. وفي هذه اللوحة، يتوزع الضوء على العربة بأسلوب فني يعكس التباين بين الدفء والبرودة، مما يخلق توازناً بصرياً مذهلاً.

فمن حيت الإضاءة الدافئة والباردة، نرى النصف الأيمن من اللوحة مشبعًا بالألوان الدافئة كالأصفر والبرتقالي، مما يوحي بأن الضوء يأتي من هذه الجهة، ربما عند الغروب أو تحت تأثير ضوء صناعي. النصف الأيسر يغلب عليه اللون الأزرق الداكن، مما يعزز الإحساس بالظل أو الابتعاد عن مصدر الضوء. سقف العربة وأطرافها العلوية تعكس الإضاءة الدافئة، مما يبرز تأثير الضوء القادم من الجهة اليمنى. بينما الأجزاء السفلية، وخاصة العجلات والمناطق الداخلية، غارقة في الظلال، ما يعطي إحساسًا بالعمق والحركة

ويتناغم ثوب الفتاة البرتقالي المتفاعل مع الضوء الدافئ، بينما شعرها وبشرتها يتناغمان مع الضوء بطريقة تبرز ملامحها. العباءة السوداء المتطايرة تبدو امتدادًا للظل، مما يخلق تأثيرًا ديناميكيًا يوحي بالحركة.

     وبالنتيجة الفنية، يبدو أن الفنان استخدم الضوء لخلق تضاد بين الحركة والسكون، بين الدفء والغموض، مما يجعل المشهد ينبض بالحيوية، وكأننا نقرأ قصة لا تخلو من تأويلات ذهنية عميقة وتساؤلات قد نجد أجوبتها في تفحص اللوحة وبتركيز لأكثر من مرة. وهذا هو الإبداع في الفن التشكيلي. ما أكثر المبدعين في وطننا الحبيب العراق.


مشاهدات 144
الكاتب علي البدر
أضيف 2025/02/26 - 3:44 PM
آخر تحديث 2025/04/20 - 4:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 274 الشهر 20200 الكلي 10900847
الوقت الآن
الأحد 2025/4/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير