فاتح عبد السلام
ورد في معظم تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب منذ ان كان مرشحا قبل ولايته الأولى، انتقادات حادة للإدارات الامريكية التي خاضت حروبا في الشرق الأوسط خاصة، وقال ذات مرة انّ الحرب ذهبت بأنظمة تعادي التطرف وجلبت مكانها متطرفين وفوضى.
وفي فترته الرئاسية الأولى، لم يطرح أي مشروع يقود الى حرب، ولم يقم بسوى عملية تصفية مسؤول عسكري وامني إيراني في بغداد في عملية وصفت بالأمنية الخاصة المتعلقة بأمن الويلات المتحدة ، وحين اسقطت صواريخ إيرانية في حزيران 2019 طائرة التجسس تريتون إم كيو-4 سي للبحرية الأمريكية لم يرد ترامب وتناسى ان الضربة إهانة لفخر تكنولوجيتهم العسكرية.
وكذلك نجده كم هو فخور بإنهاء حرب قطاع غزة، وكم هو واثق من امكانيته في وضع نهاية لحرب روسيا وأوكرانيا.
لكنه ابتدأ عهده الجديد بحروب تجارية وسياسية عبر الضرائب المفروضة على حلفائه والتطلع الى المزيد من الاستثمارات عند أصدقائه كما مع السعودية أثرى بلدان النفط، وكذلك شرع بإجراءات مستعجلة وذات مغزى سياسي مثير للجدل لاقت غضب دول أوربية ومنها المانيا، في فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وبالتزامن مع ذلك تحدث الرئيس الأمريكي عن افق لاتفاق نووي سلمي مع إيران التي يريد لها ان تكون ناجحة وقوية، ولكن من دون سلاح نووي حتما، وهو الامر الذي تبعته تصريحات من المرشد الإيراني الأعلى في ضرورة ان توقف حكومته التفاوض مع واشنطن كونها مجرد تنازلات من دون نتيجة، في دلالة على رفض كامل للمنطق الترامبي.
في هذه الأجواء، لا يمكن الذهاب للقول ان «عقلية التاجر» التي تبدو غالبة على السلوك الخارجي العام لترامب تمنعه من خوض حروب أو المشاركة فيها، إلا إذا افترضنا انّ هناك استسلاماً مفروضاً كاملاً أو تسليماً اقتناعياً لمنطقهِ السياسي الدولي.
ما قالته مبعوثة ترامب الى بيروت في ان حزب الله انتهى ولن يكون له مكان في الحكومة اللبنانية المقبلة، هو نوع من تقرير حال تبدو الإدارة الأمريكية مقتنعة به بالتفاهم مع إسرائيل، وجميع هذه المواقف لن تكون آمنة في عدم اثارة الفوضى الداخلية في لبنان أو قطاع غزة أو دول الجوار إذا لم تصحبها لغة أخرى للبدائل المنتجة من نفس البيئات السياسية وليس فرضاً من خارجها، وهذا جزء من مواقف الأردن ومصر إزاء مشروع تفريغ قطاع غزة عبر التهجير.
الخلاصة اذا تضررت مصلحة التاجر فإنه سيوظف الأطراف القوية بالمال او النفوذ لتدافع عنه، وقد لا يلجأ مباشرة للحروب لكن ليس معنى هذا أن يستبعد اهم عناصر حماية وتنمية الثروات الاحتكارية الامريكية الكبرى.