صاحب القرار .. صانع الأقدار
وفاء الفتلاوي
يعاب على الاقدار بانها تتحكم بعامل القرار في حين يؤكد البعض عكس ذلك ويعدها اكذوبة كون الطبيعة البشرية هي من تحدد نوع القدر ورأس ماله من موروث وتاريخ وحاضر ومستقبل والثقة بين الحاكم والرعية وهذا ما يجعل تصنيف الانسان بالدرجة الأولى بسيد المخلوقات.
فالقدر مهما تنوعت أسبابه ومكانته وما يتسبب به هو من صنيعة صاحب القرار الذي اما ان يلون القدر بالأبيض او الأسود فلا منتصف لكلا اللونين والجزء الرمادي فيه طابعاً يضفي على الغرابة وهذا ما يسعى اليه الاخرون في ظل ازمة الانسداد السياسي الخانق ودعاوى قضائية ونشاط خلايا داعش الإرهابي وتظاهرات غاضبة من نتائج تعدها مزورة واصوات انتخابية سرقت وربما تصل الى مرحلة الصدام لا سامح الله.
فلو انا افترضنا جدلاً في حال المصادقة على نتائج الانتخابات من لدن المحكمة الاتحادية هل ستصمت الاف الأصوات المطالبة باسترجاع حقوقها والتي ما زالت مرابطة عند بوابة المنطقة الخضراء أي في أخطر بقعة والتي تمثل كيان الدولة ورئاساتها الثلاث؟، وكيف ستستلم للأمر الواقع؟ وما القرارات التي ستتخذها القوى المعارضة بعد المصادقة على النتائج؟، واذا حدث العكس واصدر قراراً بعدم شرعية الانتخابات او الغائها فكيف ستكون رد فعل القوى الفائزة من هذا القرار؟ هل ستتجه المعالم الى حرب أهلية واقتتال شيعي شيعي؟..
على منطلق هذه الأسئلة التي يطرحها الشارع العراقي انطلقت القوى الشيعية بالحوار للوصول الى حل يرضي جميع الأطراف ولتهدئة الغاضبين وتسكين الخائفين من الطبقة السياسية المخملية التي تخوض غمار السباق السياسي لأول مرة دون معرفة وجهتها وربما بدأت بالانفصال عن بعضها والانضمام الى قوى لحمايتها من قادم الأيام؛ لكن ما يلمسه المواطن عكس ذلك تماماً فالوجوه التي اجتمعت في منزل زعيم تحالف الفتح لم تكن مطمئنة من زائرها ومتشنجة من التزمت برأي دون الاخر وهي تبحث عن مخرج ووحدة قرار لانعاش العملية السياسية التي تتعرض الان الى نوبة قلبية ربما تصل بها الى الإنعاش.
اذا لا الخروج عن القرار سيحمي الشعب العراقي من رياح عاتية ولا الامتثال لوحدة القرار سيمنع ايضاً ذلك ونحن بين نارين كلاهما يحرق جسد العراق اما ان تتوحد الجهود بعقلانية والمضي بشراكة حقيقية ورقابة صارمة على ادق تفاصيل المؤسسات الحكومية والوحدة في مكافحة الفساد والفاسدين وانتشال المواطنين من الفقر المدقع في المحافظات الوسطى والجنوبية من خلال استراتيجية واضحة لا تضر أولا بالمواطن العراقي ووضعه المعاشي وترصين مستوى التعليم والصحة وتحسين البيئة والكهرباء والبنى التحتية من ماء ومجاري وإقامة مشاريع عملاقة بعيدا (لطفاً) عن المولات والمراكز الترفيهية، او الذهاب صوب المجهول وجعل العراق ساحة للاقتتال الداخلي والخارجي وتصفية للحسابات وإعادة العراق برمته الى المربع الأول.
آن الاوان ان نعترف بان صانع القرار هو من يصنع الاقدار واليوم اما ان يضع الشعب تحت مقصلة التعنت ومذلة العوز والحرمان او يذهب به الى بر الأمان والانتعاش والحياة الكريمة ويجنبه الصدمات ونزف الدم ففي الوحدة قوة وبالفرقة ضعف وشتات.