اشارة الابهام
خليل ابراهيم العبيدي
اليوم هو السابع عشر من أكتوبر ، وهو اليوم العالمي للقضاء على الفقر ، وجدناه يوما مناسبا للحديث . لا ، عن الفقر في العراق بل الحديث عن الغنى فيه ، وبرغم كون الثراء صار فاحشا هذه الأيام ، إلا أنه كان ظالما وقاسيا منذ تأسيس دولتنا في عشرينات القرن الماضي ، فإذا كان الغنى اليوم لدى بعض السياسيين أو زعامة المافيا أو المهربين ، أو تجار السلاح أو المضاربين ، فإن امتلاك الاموال كان قبلا بيد الشيوخ في الفرات والجنوب ولدى الأغوات والبهوات في الشمال الحبيب ، او لدى بعض جنرالات الجيش العثماني ، تلاميذ مدرسة الأستانة،، الذين شكلوا نواة الحكم الجديد ، ولم يكن سواد العراقيين من الفلاحين إلا فقراء الريف وكانوا 80 بالمئة ونيف، وكان عمال شركات النفط الاجنبية والسكك الحديدية وبعض معامل القطاع الخاص فقراء المدن وهم يشكلون العشرين ، نعم فقر بشتى الصور والاشكال طيلة قرن في بلد الأنهار والخامات والأشجار ، يقابله اليوم ثراء فاحش لدى فئة قليلة جدا من الناس عانت منه وتنمرت عليه ، لا، لإصلاح ذات البين ، بل للايغال في الغنى والاستحواذ على المزيد ، بوسائل شتى وتركت مكامنها البائسة إلى الأحياء الباسقة ، غادرت أشباه الدور وسكنت الفيلات والقصور ، تنكرت لماضيها وتناست الحرمان والجوع ، وصارت تتمسك بالمال وتحصل عليه بشتى الطرق والاشكال ، والفقر يتصاعد ولم يعد له حد أو منسوب . وتناسى الاغنياء مقولة الامام علي ( ع) فما جاع فقير إلا بما متع به غني ، أو ما ذهب إليه ادم سميث وهو يقول ،، لا يمكن لأي مجتمع أن يكون مزدهرا وسعيدا إذا كانت الأغلبية منه من الفقراء والبائسين ، والبؤس في بلادنا لم يعد خافيا هذه الأيام والثراء تجاوز المعقول في العد والأرقام ،، والحليم منا بعد ما تقدم تكفيه إشارة الإبهام .