الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السيستانيِّ أنموذجّاً.. قادة التغيير ما بعد 2003

بواسطة azzaman

السيستانيِّ أنموذجّاً.. قادة التغيير ما بعد 2003

 

زين العابدين عباس الصافي

 

مَرَّ العراقَ بأزَماتٍ كثيرةٍ وصُعوباتٍ كبيرةٍ وَخاصَّةً قبلَ عام 2003 وما فرضَتْهُ بعضُ الدُّوَلِ الكبرى حِصارٌ مُجحِفٌ بحقِّهِ، بحُجَّةِ مُحاسَبَةِ أو مُقاطَعَةِ نِظامِ الحُكمِ آنَذاك، ولكن المؤسف أنَّ مَنْ دَفعَ الثَّمنَ هو الشعبُ المظلومُ، ثُمَّ بعدَها تَلَتْها أزَماتٌ أكبرُ وصُعوباتٌ أقوى إلى أنْ تَمَّتْ إزالةُ هذا النِّظامِ مِنْ قِبَلِ بعضِ أبناءِ الشَّعبِ الغَيارى وَمُساعَدَةِ قوّاتِ التحالُفِ الدّوليِّ، فَانْفَتَحَ العِراقُ على العالَمِ الخارجيِّ وَاسْتَبْشَرَ خَيرًا بمستَقبلٍ أفضَلَ لأبنائهِ، وهُنا حَصَلَ التغييرُ الذي يتساءلُ عنه الكثيرُ، مَنْ يَتَسَلَّمُ مَقاليدَ الحُكمِ في العِراق؟ إلا أنَّ الشعبَ تفاجأ واندهَشَ بعدَما عَرَفَ أنَّ مقاليدَ الحُكم في العراق أصبحت بيدِ قيادَةٍ لم تلبيِ طموجاتهِ ، لذلك تأزَّمت الأمورُ أكثرَ واحتاجَ العراقُ إلى مَنْ يَقِفُ بجانِبِهِ ويُصَحِّحُ مِنْ مَسارِهِ على قَدْرِ المُسْتَطاعِ بالتوجيهِ والإرشادِ، ولا يَخفى على الشعبِ المُضطَهَدِ أنَّ هنالِكَ (ذِئابًا مُفترِسَةً) خَلْفَ الأسوار تنتهِزُ الفُرَصِ لِنَهبِ ثَرواتِ العراقِ بطريقةٍ أو  بأُخرى، وهُنا أصْبَحَت الحاجَةُ ماسَّةً وَضروريةً لِتَدَخُّلِ شخصيةٍ قياديةٍ حكيمةٍ فَذَّةٍ ذاتِ بُعدِ نَظَرٍ مُستَقبَليٍّ، على الرَّغم أنَّها ترفضُ التدَخُلَ بأمور الدولة وتؤمِنُ بالدولةِ المدنيةِ وحقِّ المواطَنة وعدمِ فرضِ الرأي على الآخر، إلا أنَّ للضرورة أحكامًا، وحمايةُ ثرواتِ العراقِ فوقَ كُلِّ الاعتباراتِ، فَتَمَثَّلَتْ هذه الشخصيةُ الوطنيةُ بسماحَةِ آيةِ اللهِ العُظمى (عليِّ بْنِ محمد باقر بْنِ عليٍّ الحُسَينيِّ السيستانيِّ) المولودِ في (9 ربيع الأول 1349هـ / 4 أغسطس 1930م) وهو عالِمٌ مُسلِمٌ وفقيهٌ جعفريٌّ ومرجِعٌ دينيٌّ للشيعةِ الإماميةِ الاثني عشرية الأصولية، مُنذُ عام 1992 يُقيمُ في محافظة (النجف الأشرف) التي هي مركزٌ لمدارسِ العلومِ الدينيةِ الرئيسيةِ التي تسمى (حوزة النجف)، ويعتَبَرُ سماحتُهُ من أكثر الشخصياتِ تأثيرًا في العراقِ، نظرًا لامتداد مرجعيتِهِ الدينيةِ، فكانَ له دَوْرٌ كبيرٌ في كثيرٍ من التحوُّلاتِ السياسيةِ بعدَ تغييرِ نظامِ الحُكمِ عامَ (2003)، وأطلَقَتْ عليهِ الصحافةُ الأوربيةُ لقبَ (دالاي الشيعة) لِمَكانَتِهِ المُعتَبَرَةِ، وَسَوفَ نُرَكِّزُ أكثرَ في هذا المقالِ على أبرزِ التحدِّياتِ التي واجَهَت العِراقَ بعدَ عامِ (2003م)، وما هو الدورُ القياديُّ الذي قامَ بهِ السِّيستانيُّ مِن حيث تعزيز حريةِ الدينِ ونبذِ الطائفيةِ والعُنصُريِة والعِرقيةِ والتمييزِ بينَ طوائِفِ أبناءِ الشعبِ الواحِدِ، وإحلالِ السلامِ والتعايُشِ السلميِّ ، ابتداءً مِن مُواجَهةِ الاحتلالِ الأمريكي وكيفيةِ التعامُل مَعَهُ.

ضغط كبير

حيثُ مارَسَ ضغطًا كبيرًا على القُوى الدوليةِ المُحتلةِ للعراقِ والمُنظَّماتِ الدوليةِ مِنْ أجلِ أنْ يأخُذَ العراقيونَ دَورَهُمْ في بِناءِ مُستَقْبَلِهم السياسيِّ، وعندَما سألوه: ما هي رؤيتُكم لمستَقبلِ الحُكمِ في العراقِ؟ كانَ جوابُهُ: إنَّ المبدأ الأساسَ هو أن يكونَ الحكمُ للعراقيينَ بلا تسَلُّطِ أجنبيٍّ والعراقيونَ هُمْ مَنْ يختارونَ نوعَ الحكمِ بلا تَدَخُّلٍ أجنبيٍّ. وَتَصَدَّتْ مرجعِيَتُهُ الدينيةُ في النجفِ الأشرفِ إلى الوَضْعِ العامِّ في البَلَدِ وساهَمَتْ بشَكْلٍ مُباشِرٍ لِمَلْءِ الفَراغ في إدارةِ الدولة مِن خِلالِ بَياناتِها وَحَرَكتِها المَيْدانِيَّةِ عِبْرَ وُكَلائِها وَمُعتَمَديها في جميعِ أنحاءِ العراقِ، فَكانَتْ أطروحاتُهُ واضحةً في رفضِ تواجُدِ الاحتلال وأنه لا يرى مُبَرِّرًا لتواجُدِهم، وإنْ كانَ العراقُ بحاجَةٍ لقُوّاتٍ أجنبيةٍ لحِفظِ الأمنِ والاستقرارِ فَلْتَكُنْ تحتَ مظلَّةِ الأمم المتحدة، إضافةً لإيمانِهِ الكبيرِ بأنَّ أيَّ أساسٍ لِقيامِ أيِّ دولةٍ مدنيةٍ في العِراق وأيَّ أجراءٍ في تغيير الحكم يجبُ أنْ يبدأ بكتابةِ دستورٍ بأيادٍ عراقيةٍ وإجراء انتخاباتٍ بالاعتمادِ على رأي الشعب والعملِ على تأسيس دولة مؤسساتٍ، وأمّا المنهجيةُ التي أتخذها للتعامُلِ مع الاحتلال فهي منهجيُة المقاومةِ السلميةِ والتي شِعارُها (شُكرًا لمساعدتِكم لنا – غادِروا) وهذا المنهجُ استَمَرَّ عليهِ طيلَةَ تواجُدِ القواتِ الأجنبيةِ فهو لمْ يَدْعُ لِحَملِ السِّلاحِ ومواجهةِ الاحتلالِ، لأنه كانَ ينظُرُ بعمقٍ استراتيجيٍّ ويعملُ على تهيئةِ الأرضيةِ السياسيةِ والاجتماعيةِ لإخراجهِ من دونِ اقتتالٍ وضَحايا وفوضى لاسيما وأنَّ العراقَ لمْ ينفكَّ عن الحروبِ والأزَماتِ. وبَعْدَ مُرورِ (سَنَتَيْنِ) تقريبًا كانَتْ مرجعيةُ السِّيستاني حريصةً كُلَّ الحِرْصِ على أن لا يقعَ العراقُ في شَرَكِ الفتنةِ الطائفيةِ والعِرْقيةِ والتمييزِ على حسابِ الدينِ أو المعتقدِ، ولكنْ للأسفِ فَقَدْ وَقَعَ المحذورُ وهو ترويعٌ وتهجيرٌ قسريٌّ وخطفٌ وقَتلٌ وتمثيلٌ، مِمّا تَعجَزُ الكلماتُ عن وصفِ بَشاعةِ تلكَ الجرائمِ وفظاعتِها ومدى مُجافاتِها لكلِّ القيمِ الإنسانيةِ والدينيةِ والوطنيةِ، ولقَد كانتْ (المرجعيةُ) منذُ الأيامِ الأولى  للاحتلالِ تعملُ جاهِدةً على أنْ يتجاوَزَ العراقيونَ هذهِ الحقبةَ الزمنيةَ العصيبةَ مِنْ تاريخِهِمْ، مُدرِكةً عِظَمَ الخَطَرِ الذي يُهَدِّدُ وِحدَةَ هذا الشَّعبِ وتَماسُكِ نَسيجِهِ الوطنيِّ في هذه المرحلةِ نتيجةً لتراكُماتِ الماضي ومُخطَّطاتِ الغُرَباءِ الذينَ يتربصونَ بهِ دوائِرَ السَّوْءِ ولعوامِلَ أخرى. ولَمْ يَيْأس الأعداءُ ووجدوا في تنفيذ خُطَطِهِمْ لتفتيتِ هذا الوطنِ بتعميقِ هُوَّةِ الخلافِ بينَ أبنائهِ وَأعانَهُمْ –للأسف– بعضُ أهلِ الدارِ على ذلِكَ في حادِثَتَيْنِ مُرَوِّعَتَيْنِ هما:

أوّلًا: تفجير مرقد الإمامينِ العَسْكَريينِ (عليٍّ الهادي والحَسَنِ العسكريِّ عليهِما السلام) اللَّذَيْنِ يُعَتَبَرانِ مِنْ أعمدَةِ التشَيُّعِ عندَ الشيعةِ الإماميةِ الاثني عشرية، حيثُ كانَ رأيُ سماحَتِهِ في بيانٍ له ينصُّ على: إنَّ المجرمينَ التكفيريينَ الذينَ ارتكبوا ذلِكَ  الاعتداءَ الآثم (تفجيرَ المرقدِ) أرادوا أنْ يجعلوا مِنهُ مُنطلَقًا لِفِتنَةٍ طائفيةٍ شاملةٍ في العِراقِ، بعدَما عَجَزوا عن إشعالِ الفتنةِ لأكثرَ مِنْ عامَينِ مُنْذُ بدءِ الاحتلال بالرغمِ مْنِ كُلِّ ما ارتكبوهُ مِنْ مَجازِرَ وَحشيةٍ في مُختَلَفِ الأماكنِ لاسيما في المُدُنِ المقدَّسةِ، ودعا العراقيينَ الشيعةِ إلى أقصى درجاتِ الانضباطِ وعدمِ الإساءةِ إلى أهلِ السُّنَّةِ (لا بالقولِ ولا بالفِعلِ) لأنَّهم بَراءٌ من تِلكَ الجريمةِ النكراءِ ولا يرضَونَ بها أبدًا. ويُؤكِّدُ دائمًا على الشيعةِ العراقيينَ عندما يتحدثونَ عن أهلِ السنّةِ بأن يقولوا: (أنفسنا وليس إخواننا).

ثانيًا: مجزرة سبايكر: وهي مجزرةٌ جَرَتْ بَعدَ أسْرِ جُنودٍ منتَسِبينَ إلى الفرقةِ (18) في الجيشِ العراقيِّ وكان معظمُهمْ شبابًا في عُمُرِ الوُرودِ ويسكُنونَ في مُحافظاتِ الوَسَطِ والجَنوبِ،حيثُ تَمُّ أسرُهُمْ مِنْ قِبَلِ (بعض العشائرَالمتعصِّبةٍ دينيًّا والمنحرفةٍ فكريٍّا والمَوالية إلى إزلام النظام البائد)وتم اقتيادُهُمْ إلى القُصورِ الرِّئاسيةِ في محافظةِ (صلاح الدين) وتَمَّ قتلُهُمْ والتمثيلُ بهمْ، وهُنا بَرَزَتْ حَذاقَةُ سَماحَتِهِ بإبداءِ رأيِهِ على النحو التالي:

 أ-يجبُ على مجلسِ النُّوّاب الموقّر آنذاك، أنْ يقومَ بتشكيلِ لجانٍ تحقيقيةٍ دقيقةٍ وعاجلةٍ في هذهِ المجزرة، ونأملُ منه وهو في بداياتِ عملِهِ أنْ يُوَفَّقَ للوصولِ إلى الحقيقةِ مِنْ خِلالِ الآلياتِ التي يمتلكُها أو التي يستعينُ بها.

ب-التأكيد على أنْ تُطَوَّقَ هذهِ الأزمَةُ ولا تتعدّى المُقَصِّريَن ومُرتكبي هذه الجريمةِ البَشِعَةِ بَعدَ تشخيصِهِمْ لِينالوا جزاءَهُم العادلَ.

   ت-داعينَ الأُسَرَ الكريمةَ لذوي الشهداءِ لِمزيدٍ من الصبرِ والحكمةِ مع شِدَّةِ قساوَةِ ما هُمْ فيهِ، أعانَهُمُ    اللهُ تعالى على ذلك، ورَحِمَ اللهُ الشُّهداءَ الأبرارَ.

 وكذلك فإنَّ الوِحدةَ الإسلاميةَ متواجدةٌ في بياناتِ سماحَتِهِ مِنْ حيثُ رَصّ الصفوفِ ونَبذ الفُرقةِ والابتعاد عن النَّعراتِ الطائفيةِ والتجنب عن إثارةِ الخلافاتِ المذهبيةِ لِأنَّ هناكَ عِدَّةَ مشترَكاتٍ تجمعُهُمْ أهَمُّها:-

أ‌- الإيمانُ باللهِ الواحِدِ الأحَدِ.

ب‌- الإيمانُ برسالَةِ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ (ص).

ت‌- الإيمانُ بأنَّ القُرآنَ الكريمَ غيرُ مُحَرَّفٍ مَعَ السُّنَّةِ النبويةِ ومَوَدَّةِ أهلِ البيتِ (ع).

دفاع كفائي

وإنَّ أكبرَ وأعظمَ النَّجاحاتِ التي وَصَلَ إليها القائِدُ (السِّيستانيُّ) وتعتَبَرُ إنجازًا هو (إنقاذُ العراقِ) بإصدارِ فتوى (الدفاعِ الكفائيِّ) بتاريخ (13 يوليو 2014) ضِدَّ داعش وأعوانِهِ، عندَما دَخَلوا إلى بَعْضِ المُدُنِ العراقيةِ وذلكَ بسببِ السياسَةِ الرَّعناءِ الهَوجاءِ التي كانتْ مُتصدِّيةً للسُّلطة آنذاك، حيثُ حثَّ سماحَتُهُ المُواطنينَ الَّذينَ يتمكنونَ مِنْ حَملِ السِّلاحِ ومُقاتَلَةِ الإرهابيينَ دِفاعًا عَنْ بَلَدِهِمْ وشَعبِهِمْ ومُقَدَّساتِهِمْ، علَيهم التطوعُ للانخراطِ في القُوَّاتِ الأمنيِّةِ، وإنَّ مِنْ أهَمِّ وأبرَزِ النُّقاطِ التي تَمَّ التركيزُ عليها في بَيانِ الفتوى هي:-

أ‌- إنَّ الإرهابيينَ لا يهدُفونَ إلى السَّيطرةِ على بعضِ المحافظاتِ فقطْ، بَلْ صَرَّحوا بأنَّهُمْ يستهدِفونَ جميعَ المحافظاتِ ولاسِيَما المحافظات المقدسة.

ب‌- إنَّ مَسؤوليةَ التَّصَدِّي لهم ومقاتلتَهُمْ هِيَ مسؤوليةُ الجميعِ ولا يختَصُّ بطائِفَةٍ دونَ أُخرى أو بطرفٍ دون آخَر.

ت‌- إنَّ مَنْ يُضَحِّي مِنْكُمْ في سبيلِ بلدِهِ وأهلِهِ ودينِهِ فهو (شهيدٌ).

وبهذا تَكَوَّنَتْ قُوَّةٌ أخطبوطيةٌ جديدةٌ مُسانِدَةٌ للجيشِ والشرطةِ العراقيةِ تُسَمَّى بـ(الحَشْدِ الشَّعبيِّ) مُهِمَّتُها الدِّفاعُ عَن العراقِ ومُقَدَّساتِهِ، وبَعدَ مُرورِ (سَبْعِ سِنينَ) تَمكَّنَ العِراقيونَ مِنْ تَحريرِ مُعظَمِ أراضيهِمْ وطردِ داعش وأعوانِهِ، ويُحْسَبُ هذا  الانتصارُ الكبيرُ الذي حقَّقَهُ العِراقيونَ  إلى القائدِ (السِّيستانيِّ)، حُيثُ قِيلَ بحقِّهِ الكثيرُ عِندَما أصدَرَ الفتوى، ومنه ما قالَهُ رئيسُ وزراءِ إيطاليا حَيثُ قالَ: (اليومَ عَرَفنا الإسلامَ الحقيقيَّ) إضافةً إلى ذلك هنالِكَ بعضُ وَسائلِ الإعلامِ  الأوربية قامت بنقلِ (خُطبةِ الجُمُعَةِ) الخاصَّةِ به والذي يقومُ بألقائِها بالنيابةِ عَنْهُ وكيلُهُ الشَّرعُّي في مُحافَظَةِ كربلاءَ المقدسةِ لِما فيها مِنْ (عِبَرٍ ومَواعِظَ ورسائِلَ سَلامٍ)، وأمّا فلسَفَةُ القِيادَةِ عندَ القائدِ (السِّيستانيِّ) فَتُبْنى على ثلاثِ ركائِزَ مُهِمَّةٍ هي:

أ‌- النظرة المستقبلية:- وتتمثَّلُ هذه الركيزةُ عندما حَذَّرَ مُنْذُ الأيامِ الأولى مِنَ الاحتلالِ مِنَ الوُقوعِ في شَرَكِ الفتنةِ الطائفيةِ والعنصريةِ.

ب‌- الطاعة:- وتتمثَّلُ باستجابةِ العراقيينَ عندَما أصدَرَ فتوى الدفاعِ الكفائيِّ حيثُ لَبّى وتطوَّعَ الآلافُ مِنَ المواطنينَ ضدَّ داعش وأعوانِهِ.

ت‌- الألتزام:-وتتمثَّلُ هذِهِ الرَّكيزةُ - بأبناءِ (ثورة تشرين) الحقيقيينَ الغَيارى عندما خرجوا ضِدَّ الفاسِدينَ للمطالَبةِ بأبسطِ حُقوقِهِمْ وهي العيشُ الكريمُ، إلّا أنَّ بَعضَ السِّياسِيِّينَ الفاسدينَ اتَّهَموهُمْ بأنَّهُمْ عُمَلاءُ لِدُوَلٍ أُخرى وأطلَقوا عليهِمْ تسمياتٍ غيرَ لائقةٍ مثلَ (جوكرية) و(أبناء السفارات)، وَشَنَّتْ عِدَّةٌ مِنَ الفَضائياتِ الحِزبيةِ الفاسِدَةِ حَملةً لتَشويهِ المُظاهراتِ المُنَدِّدَةِ بالفَسادِ، والحكومَةُ آنذاك اتَّهَمَتْهُمْ بالمُخَرِّبينَ، وَلكنَّ القائِدَ (السِّيستانيَّ) بِدَوْرِهِ دَعَمَ الثورةَ والمظاهراتِ الشعبيةَ التي اجتاحَتْ بغدادَ والمُحافَظاتِ الجَنوبيةَ، ممَّا شَكَّلَ صَفْعَةً للطَبَقَةِ الحاكِمةِ الفاسِدَةِ، وللقائِدِ (السِّيستانيِّ) خِطابٌ في نوفمبر عام 2019 أيضًا حَولَ هذهِ الأحداثِ الذي تَلاهُ مُمَثِّلُهُ الشَّرعِيُّ في مُحافظة (كربلاءَ المقدسةِ)، حَيثُ أكَّدَ فيهِ على الفقراتِ التاليةِ:-

1-إذا كانَ مَنْ بِيَدِهِم السلطةُ يظُنُّونَ أنَّ بإمكانِهم التهربَ مِن استحقاقاتِ الإصلاحِ الحَقيقيِّ بالتسويفِ والمُماطَلَةِ فإنَّهُمْ واهِمون.

2-لَنْ يكونَ ما بَعدَ هذِهِ الاحتجاجاتِ كما كانَ قبلَها في كُلِّ الأحوالِ فَلْيَنْتَبِهوا إلى ذلك.

3-إنَّ المُواطِنينَ لَمْ يخرُجوا إلى التَّظاهُراتِ المُطالِبةَ بالإصلاحِ بهذهِ الصورة غيرِ المسبوقةِ ولَمْ يستمرّوا عليها طوالَ هذه المُدَّةِ بكل ما تطلَّبَ ذلكَ مِنْ ثَمَنٍ فادِحٍ إلّا لِأنَّهُمْ لَمْ يجِدوا غيرَها طريقًا للخَلاصِ من الفساد.

4-إنَّ الفَسادَ في البلادِ يَتَفاقَمُ بتوافُقِ القُوى الحاكِمَةِ على جَعْلِ المُواطِنينَ مَغانِمَ يتقاسَمونَها فيما بينَهُمْ ويتغاضى بعضُهُم عن فسادِ البعض الآخر.

5-إنَّ معركَةَ الإصلاحِ (الثورة الشعبية) الَّتي يخوضُها الشعبُ العراقيُّ إنَّما هي معركةٌ وطنيةٌ تخصُّهُ وحدَهُ، والعِراقِيُّونَ هُمْ مَنْ يَتَحَمَّلونَ أعباءَها الثقيلةَ، ولا يجوزُ لِأيِّ أحَدٍ التدخُلُ بأمُورِهِ الداخليةِ مَهْما كانَ شَأنُهُ، لأنَّ (العراقَ هُوَ سَيِّدُ نَفْسِهِ) مُحِذِّرًا مِنْ أنْ يتحوَّلَ العِراقُ إلى ساحَةِ صِراعٍ وتصفِيَةِ حِساباتٍ بَيْنَ قُوًى دوليةٍ وإقليميةٍ فيكون الخاسِرُ الأكبرُ هو الشَّعبَ.

وأخيرُ ما نقولُ وما نُؤكَّدُ: إنَّ القائِدَ (السِّيسْتانيَّ) يُعْتَبَرُ صَمَّامَ الأمانِ لِكُلِّ العِراقيِّينَ، لِما لَهُ مِنْ دَورٍ كبيرٍ وبارِزٍ في إحلالِ السَّلامِ والتَّعايُشِ السِّلْمِيِّ، حَيثُ رُشِّحَ في عام 2014 لجائزةِ (نوبل) لِجُهودِهِ المبذولةِ في إرساءِ السَّلامِ، إضافَةً لِإحداثِ تغييرٍ إيجابيٍّ في نُفوسِ أبناءِ شَعبهِ مِنْ خِلالِ تعزيزِ حُرِّيةِ الدِّينِ والتَّماسُكِ الاجتماعيِّ بينَ الطوائِفِ والأقَلِّيّاتِ، فَدَعا ذلكَ -بِكُلَّ مَحَبَّةٍ وسَلامٍ- إلى أنْ يَزورَهُ الحبرُ الأعظمُ (البابا فرنسيس) ورئيسُ دولةِ الفاتيكان في مَنزِلِهِ في (مُحافظةِ النَّجفِ الأشْرَفِ) حَيثُ يُعْتَبَرُ هذا اللقاءُ تاريخيًّا بينَ قُطبَي السَّلامِ في العالَم، وإنَّ أبرَزَ ما دارَ بينَهُما مِنْ حديثٍ هو الفقراتُ التاليةُ:-

1- ما تعانيهِ الشُّعوبُ فإنّهُ ناتجٌ من اضطهادٍ دينيٍّ وكَبْتِ الحُرِّياتِ وغِيابِ العَدالَةِ الاجتماعيةِ.

2- مِنَ المُؤمَّلِ من الزعاماتِ الدينيَّةِ والرُّوحيةِ أنْ تبذُلَ كُلَّ ما بوسْعِها للحَدِّ مِنَ المآسي الَّتي تَمُرُّ بها الشُّعوبُ، وحَثُّ الأطرافِ المعنيةِ -ولاسيما القُوى العُظمى- على تَغليبِ جانبِ العقلِ والحكمةِ ونَبذِ الحُروبِ.

3- أنْ يعيشَ المواطنونَ المسيحيونَ كَسائِرِ العراقيينَ في أمنٍ وسَلامٍ وبكامِلِ حُقوقِهِم الدستورية.

 

 


مشاهدات 65
الكاتب زين العابدين عباس الصافي
أضيف 2024/10/18 - 11:50 PM
آخر تحديث 2024/10/19 - 5:16 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 303 الشهر 7837 الكلي 10037560
الوقت الآن
السبت 2024/10/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير