الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لصوص المعبد

بواسطة azzaman

لصوص المعبد

عدنان سمير دهيرب

 

يُعد المعبد رمزاً روحياً  لطهرانية المكان و إقامة الشعائر و الطقوس في الديانات السماوية و الوضـــــــعية منذ أن لجأ الانسان الى الايمان بالاديان . غدت المعابد علامات لها خصوصيتها في الشكل و الجوهر و الوظيفة . تشيد على الزقورات في الحضارات القديمة و الشوارع الرئيسة في المدن و القصبات حالياً .

و تشجيع الحكومات والطبقة السياسية في النظامين الاوتوقراطي و الثيوقراطي على تشييد المعابد , ويتنافس الاشخاص و المؤسسات في الفخامة و إختيار الاماكن المميزة بوصفها أهم منابر الإعلام الديني و وسائل الدعاية المؤثرة و الاتصال الوجاهي مع جماعات مسترخية فكرياً تتلقى الرسائل دون التفاعل معها . فيما يكثر عدد رجال الدين و ترتفع مكانتهم حد القديس في سلم الهرم الاجتماعي .

تلك المكانة المقدسة التي زرعها الكهنة في الحضارات القديمة و ظلت تسقى على مدى قرون في عقول الناس , حتى أصبحت من اليقينيات التي لا يمكن المساس بها أو النقاش فيها لغاية الآن و تهدف الى سمو المكانة و الهيمنة بالرغم من إن الله تعالى أوصى الرسو محمد (ص) قال{'قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) } (الكهف) .

وقوع الازمات

تلك المعابد التي يرتادها المؤمنون و الفقراء لدفع غائلة الجوع .. بكلمات الزهد و الرضى – تُلقى دون الاشارة الى اللصوص الذين سرقوا أموالهم . وتتسرب القناعة و التهمة و اللعنة الى ذواتهم عند وقوع الأزمات للاعتقاد بسبب أخطائهم و غضب الله عليهم و ليس خطايا السلطة و غياب العدالة الاجتماعية . و تراجع العلم و غياب الابداع و الابتكار .

إذ يقول الفيلسوف ابن الرشد : إذا رأيت الخطيب يحث الفقراء على الزهد دون الحديث عن سارق قوتهم فأعلم أنه لص بملابس و اعظ .

فالكل يشترك في الابقاء على كسل العقول بالتضليل والجهل . فيما يفتخر باني المعبد أن إسمه الذي يجب أن ينقش فوق البوابة بأنه التقي النقي المتعبد  الذي لا يُعرف مصدر أمواله أو إنها معلومة و لكن لا أحد يتجرأ على إعلانها  لأنه أشترى صمتهم بالدعاية عند بناء المعبد الذي يحرص أن يطعم بالمرمر والرخام و اللازورد الفيروزي و ذلك لشيوع الرأي السائد منذ الحضارة الرافدينية إنها تطرد  الشرور عن البشر وتطريزه بالزخارف والأيقونات لتأكيد الولاء و التقوى , بمشاركة و دعم الخطيب الذي سيحظى  بالمكان الدائم والمنبر العالي كي ترفع الرؤوس اليه . ليظل الجميع يسهم بالخداع بسبب وجود الاستعداد النفسي و التقبل الذهني بعيداً عن نقاء الايمان و التواصل الصادق مع الله , و الالتزام الحقيقي بوصايا الإسلام العشرة .

و لو كان معظم هؤلاء مؤمنون , لماذا كثر عدد اللصوص ؟ و تعددت أشكال السرقة من المال الى الارادة و العقول التي منحها الله الى الانسان دون المخلوقات {'لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) } (سورة التين).

ولماذا أنتشرت الجريمة و الكذب و الاحتيال و الحسد و الغيبة و الانانية والكراهية ؟ و لم تبق صفة ذميمة دون وقوعها على الرغم من كثرة المعابد وتناسل القنوات الدينية و تكرار كلمات الفضيلة و إجترار الحكايات القديمة  وأضحى البؤس علامة تدل على الـــقناعة و ليس حافزاً للعمل و التفكير والانجاز 

إذ أن المجتمعات تطورت بالعلم و تطبيق القانون و نقاء الايمان الذي يطهر النفوس و تالياً السلوك للارتقاء بإلانسان و المجتمع .


مشاهدات 108
الكاتب عدنان سمير دهيرب
أضيف 2024/10/18 - 11:48 PM
آخر تحديث 2024/10/19 - 5:21 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 305 الشهر 7839 الكلي 10037562
الوقت الآن
السبت 2024/10/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير