التضليل وإغتيال نصر اللـه
عدنان سمير دهيرب
لا تستخدم الدول إبان الحروب و الازمات و الصراعات المسلحة داخلياً و خارجياً القوة الخشنة فحسب و إنما ثمة أساليب أخرى ناعمة تتكئ فيها على الكلمات و الصور قبل و بعد الأزمة كالحرب النفسية و الدعاية السوداء و التضليل و نحو ذلك بهدف التأثير على معنويات الخصم و سلب إرادته و التشويش على أفكار الجمهور المستهدف , بإشاعة المعلومات الخاطئة و أنصاف الحقائق التي يتم تسويقها من خلال وسائل الاعلام و الانترنيت و وسائل التواصل الاجتماعي و الاجتماعات و القيادات السياسية و القوى المؤثرة التي تطلق التصريحات المتعلقة بالأزمة كي تغدوا مصدراً تتناوله تلك الوسائل و المؤسسات المختصة بالتحليل و التأويل .
و قد حظيت تلك الوسائل باختلاف و تباين خطاباتها باهتمام و فضول المتلقي لمعرفة الأخبار و الاطلاع على المعلومات الهائلة التي تزود الجمهور حول تلك الأزمة أو الصراع لاسيما المؤثرة منها في حياة الانسان الباحث عن الأمن و السلم الأهلي .
و التضليل إصطلاحاً يشير الى (التسرب المقصود للمعلومات المضللة ). و يرى الباحث وليد شخيط إن إغراق وسائل الاعلام بأكثر الأخبار تناقضاً يُعد أحد أساليب التضليل بحيث تفقد أي معنى عند إستعمالها . إذ يضيع المشاهد أو القارئ في الاشارات و العلامات و المؤشرات التي تلغي بعضها البعض بفعل الافراط في ضخ المعلومات و الاخبار و بفعل فوضى تلك الاخبار والمعلومات .
اشباع حاجة
و الثابت إن تضليل المعلومات لا يتوجب تسويقها على أساس مغاير كلي للحقيقة , و إنما يتضمن جزء من الحقيقة لاقناع و قبول المتلقي للاخبار المسوقة إبان الازمات و الحروب التي يسعى فيها المواطن الى البحث عن المعلومات لإشباع حاجاته للوصول الى الحقيقة التي تظهر أنصافها أو أرباعها في ذلك الواقع المضطرب و المتلبس .
و قد تجلى ذلك خلال العدوان الهمجي و السلوك البربري و الحرب المدمرة التي تقوم بها إسرائيل على الجنوب اللبناني , و المشاهد المأساوية في قتل المواطنين التي طالت الاطفال و النساء فضلاً عن تدمير المساكن و البنى التحتية بهدف القضاء على عناصر المقاومة و قيادة حزب الله . إذ أستخدمت إضافة الى القوة الغاشمة أساليب التضليل قبل و أثناء العدوان لتنفيذ الاغتيال السياسي لقائد المقاومة الشهيد حسن نصر الله . فقد أستخدمت التضليل الذي أسهمت فيه دول كبرى لإشاعة الاطمئنان لدى تلك القيادة تمثلت : بحضور نتينياهو رئيس وزراء إسرائيل الاجتماع السنوي للامم المتحدة لالقاء كلمته .
و تقديم مقترح أمريكي فرنسي بدعم أوربي و عربي لتحقيق هدنة بين إسرائيل و حزب الله لمدة 21 يوماً .
و تقديم مقترح أمريكي بايقاف العدوان على غزة و جنوب لبنان مقابل عدم تنفيذ رد إيراني على إسرائيل التي قتلت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران .
أعتقد هذه العوامل و غيرها دفعت قيادة حزب الله الى الاسترخاء و الاطمئنان و عقد إجتماع في المربع الأمني للحزب في حارة حريك الساعة السادة مساءاً من يوم 27/9/2024 مما أدى الى هجوم الطائرات الاسرائيلية و تدمير المجمع المكون من ستة عمارات ب 85 طناً من المتفجرات أزاحت العمارات عن الأرض و إختراق الصواريخ باطن الارض و إغتيال السيد حسن نصر الله و رفاقه بفضل التضليل و القوة القاهرة و إستثمار المعلومات المتراكمة التي قدمها جواسيس إسرائيل عن عناصر الحزب خلال وجودهم في سوريا على مدى السنوات المنصرمة و التي نضجت و حان قطافها .