فاتح عبد السلام
برز تعبيران سياسيان تعبويان في هذه الحرب التي اندلعت أول مرة في السابع من اكتوبر الماضي، الأول ذو دلالة مكانية سوقية هو» وحدة الساحات»، أي اتصال خطوط القتال مع بعضها في المعركة من ايران الى غزة مروراً بالعراق، وسوريا، ولبنان، واليمن.
والتعبير الثاني، إسرائيلي المنشأ، يفيد بـ «وحدة الزمن» في القتال، أي الشروع بالقتال في اكثر من جبهة بالتزامن مع المعركة الرئيسة في قطاع غزة.
العجز الدولي في السيطرة على تفاقم حرب غزة بعد بلوغها عاماً كاملاً، هو ذاته الذي سهل اندلاع حرب جنوب لبنان والضاحية البيروتية. الفرص التي كانت متاحة عبر الوسطاء لإيجاد هدنة من الممكن التأسيس عليها لوقف الحرب في قطاع غزة كانت كبيرة في بعض مراحل “الوساطة” من خلال جهود قطرية ومصرية، غير انّ انتكاسة تلك الجهود كانت أكبر أيضاً.
طول فترة الحرب وعمق الدمار واتساع رقعة الخسائر الى حد إبادة أحياء سكنية في بعض الأحيان والامكنة جعل “المقاومة الفلسطينية” في غزة امام حقيقة انه لم يعد لديها ما تخسره أكثر مما حصل، لذلك باتت صفقة تبادل الاسرى مستعصية للغاية. إسرائيل سارعت الى فتح جبهة جنوب لبنان لأنها ترى فيها خطرا محدقا ولابدّ من التصدي اليه في اطار « وحدة التزامن» ، وانّ من الصعوبة فتح هذه الجبهة بعد ان تخمد جبهة غزة وتنتهي الحرب تماماً هناك، ذلك انّ مزاج العالم ولاسيما في الولايات المتحدة المقبلة على انتخابات ساخنة سيتغير على نحو سريع نحو ترتيبات تصفية متعلقات انتهاء الحرب، وليس الشروع في حرب جديدة، وهذا هو اقرب التفاسير للواقع في تمسك رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو بخيار “وحدة زمن الحرب” وعدم تجزئته ومده الى اكثر من مكان، لذلك لا يأبه لمسألة توسيع نطاق الحرب، وقد اشتركت ايران فعلياً بها، وهو ما كان موضع شك في نظر أطراف عدة في الصراع وخارجه.
من الصعب ان يجري تصنيف مشاركة أطراف أخرى بفعاليات عسكرية على انه عنوان لتوسيع الحرب، ذلك انّ ما يسمى جبهة العراق وجبهة اليمن انما هو حضور رمزي في المشهد الملتهب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية