مصاصو الدماء
رسول عبيد الشبلي
لا يتبادر الى مخيلتك أن يكشر أحدهم أنيابه واذا به وحش في صوره بشر ( ويلگطك عضة ) ليس هذا المعنى الحرفي لمصاصي الدماء بل هو تعبير مجازي لمن يأخذ أجور عملك لاربعة أيام في عشرة دقائق و كثيرون هم مصاصي الدماء منهم الأطباء الذين يسرحون و يمرحون بلا محاسب و لا رقيب إذ يعمل الطبيب في مستشفى حكومي ساعتان و يذهب إلى المستشفى الأهلي و اوقات العصر في عيادته فضلاً عن المميزات التي يتمتع بها من شركات الأدوية إذ يحسبون له نسبة على كل وجبه أدوية تصرف على وصفته الطبية للمريض
أما مصاص الدماء الآخر الذي هو أقل مستوى بكثير من الاول فهو متعلم بالفطرة (يتعلم زيان براس الاگرع ) وهو ميكانيكي السيارات أو مايسمى باللهجة العراقية الفيتر فمن يبتليه الله ليختبر صبره يسلط عليه الفيتر حتى يجعل منه مصدر رزق ثابت و يذكر لنا أحد أجدادنا قصه فيها عضة و عبرة عن أمثال هؤلاء الذين يقتاتون على دماء الناس و لعل كلمة دماء ابلغ من اي كلمة أخرى كون هذا السائل الذي يجري في عروق الإنسان هو الحياة على أية حال يقول جدنا كان رجل يشكي من وجع في عينه و يذهب في كل مرة إلى الحكيم و كان الطب متوارثاً و يسمى الحكمة وفي إحد الأيام ذهب إلى ذلك الحكيم و لم يجده لكنه وجد ولده الذي ورث الحكمة عن أبيه فسأله من ماذى تشكو فأخبره بوجع عينه و فتح الحكيم عين المريض فوجد بها قطعة صغيرة من القصب اليابس وتسمى (كشاية أو هواية ) عند أهل الريف فاخرجها و أعطاه مسكن للألم و انصرف الرجل و تبين فيما بعد إن الحكيم كان مسافر و بعد عودته سأل ولده عن ذلك الرجل فأخبره بما جرى فقال ماذا فعلت لوكان كل مريض نعطيه الدواء المناسب لم نجد من نعالجنه و نكسب رزقنا فاندهش الولد من كلام أبوه وقال أكنت تعلم بما كان في عينه قال بلى كنت اعلم
وكما يقول ابو المثل ( رزق البزازين على المكسرات) فالناس اشكال منهم من يكسب رزقه من الحلال و يشعر بمعنى التعب الحقيقي وآخر من يكسب لقمه عيشه بمختلف الطرق و تحت مختلف المسميات و العناوين و في الواقع كلهم مصاصي دماء .