الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العلاقات العربية – الصينية.. مقاربات حول دور مراكز الأبحاث والتفكير

بواسطة azzaman

العلاقات العربية – الصينية.. مقاربات حول دور مراكز الأبحاث والتفكير

اسعد كاظم شبيب

 

شهدت الصين خلال العقود الأخيرة تحولات جوهرية جعلتها أحد أبرز الفواعل في النظام الدولي، ليس فقط اقتصادياً بل علمياً وبحثياً وثقافيا سياسياً وتنموياً وفي العالم العربي، تواصل الصين بناء شبكة من العلاقات المتنامية القائمة على مبادرة الحزام والطريق، وعلى خطاب سياسي يؤكد على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو ما برز بوضوح في خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2016 أمام جامعة الدول العربية.

ويُعد خطاب الرئيس شي جين بينغ عام 2016 نقطة تأسيسية لهذه الرؤية الاستراتيجية.

إعادة صياغة

كما ان خطاب الرئيس الصيني عام 2016 كان بمثابة إطار تأسيسي لشراكة عربية–صينية استراتيجية ولحظة مفصلية في إعادة صياغة العلاقات العربية–الصينية على أسس تتجاوز مستوى التعاون التقليدي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة فقد حمل الخطاب ملامح رؤية صينية جديدة للتعامل مع المنطقة العربية، تقوم على الثقة، والتنمية، والتفاعل الحضاري، والانخراط ضمن مشروع عالمي متصاعد تقوده الصين، حيث أكد الرئيس الصيني أن الثقة السياسية هي حجر الأساس لأي علاقة استراتيجية، مبرزاً ثلاثة مبادئ رئيسة: احترام سيادة الدول العربية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، انسجاماً مع مبادئ السياسة الخارجية الصينية القائمة على الندية وعدم فرض النماذج، ويظهر من الخطاب أن الصين تسعى لتأسيس «هوية شراكة» مع العالم العربي، عبر تقديم نفسها كقوة كبرى مختلفة عن القوى التقليدية التي مارست نفوذاً مشروطاً وتدخلياً، وهذا التمايز قابل لأن يتحول إلى قاعدة نفوذ صيني مستدام في المنطقة. وتمكنت الصين من تحويل مواردها البشرية، ومساحتها الجغرافية، وقدراتها التنظيمية إلى عناصر قوة صلبة وناعمة ويمكن تحديد ملامح صعودها في ثلاثة محاور رئيسة: التحول الاقتصادي: من خلال بناء اقتصاد صناعي عالمي متنوع، وتطوير قدرات تكنولوجية في الذكاء الاصطناعي، والاتصالات، والروبوتات، وإنشاء أكبر شبكة بنى تحتية في العالم. والقوة السياسية والدبلوماسية: من خلال دعم النظام الدولي متعدد الأقطاب، وتعزيز الدبلوماسية التنموية من خلال الحزام والطريق، وانتهاج مبدأ عدم التدخل واحترام سيادة الدول.

قوة ناعمة

والقوة الناعمة: من خلال الترويج للثقافة الصينية والتاريخ الصيني، وإنشاء معاهد كونفوشيوس وتوسيع التبادل الثقافي، وما الى ذلك من مؤسسات بحثية صعدت بصورة قوية في الفترة الأخيرة ومنها مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية الذي يدعم ويشجع الحوار العربي الصيني والاتفاق باتجاه العالم العربي ومنه العراق بالإضافة الى دعم مبادرات التعليم والتطوير في الدول الشريكة.

ويمثل مركز الدراسات الصيني–العربي للإصلاح والتنمية ودوره في التأثير الثقافي والسياسي أحد أهم أدوات القوة الثقافية والاكاديمية الصينية وتكمن أهميته في تعزيز الفهم المتبادل من خلال الدورات البحثية وبرامج التطوير، ونقل الخبرة الصينية في الإصلاح الاقتصادي، والإدارة الحكومية، وتطوير المؤسسات وتبادل الأفكار المشتركة التي تخص الشعوب العربية والشعب الصيني، ودعم الحوار السياسي بوصفه منصة بحثية لتدعيم الاستقرار والتعاون الصيني–العربي، والتأثير في الخطاب إذ يسهم المركز في تعزيز سردية الصين حول التنمية المشتركة، والتعاون جنوب–جنوب، وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. والأثر العراقي من خلال إقبال المؤسسات العراقية على برامج المركز يؤكد حاجة العراق إلى نماذج إصلاحية ناجحة في قبال ذلك فان المصلحة الصينية تقتضي بالانفتاح على الكفاءات والمؤسسات العراقية بما يخدم الأهداف الوطنية المشتركة لكلا الدولتين.

ومما تقدم فأن العلاقات العربية–الصينية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، تتشابك فيها المصالح الاستراتيجية مع الفرص الاقتصادية والمعرفية. وتُظهر التجربة الصينية أن التنمية ليست مجرد صعود اقتصادي، بل مشروع حضاري قائم على التخطيط والعلم والانفتاح. كما تؤكد الورقة أن العراق والدول العربية يمتلكون فرصة تاريخية للاستفادة من هذه التجربة عبر شراكات متوازنة ومفتوحة، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية والبحثية، والانخراط الفاعل في مبادرة الحزام والطريق، وإن المستقبل العربي–الصيني مرشح لمزيد من التوسع، خاصة مع تطور العلاقات العربية الصينية، وتزايد الزيارات المتبادلة، وارتفاع مستوى التفاهم السياسي والبحثي من اجل تحقيق التنمية والتعاون المشترك.

 

 


مشاهدات 68
الكاتب اسعد كاظم شبيب
أضيف 2025/12/13 - 4:04 PM
آخر تحديث 2025/12/13 - 11:16 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 796 الشهر 9839 الكلي 12793744
الوقت الآن
السبت 2025/12/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير