الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جعفر الخليلي في ديار الدروز للمؤرخ محمد سعيد الطريحي

بواسطة azzaman

جعفر الخليلي في ديار الدروز للمؤرخ محمد سعيد الطريحي

حنين العراقيين إلى لبنان يتصاعد

امستردام - الزمان

صدر عن أكاديمية الكوفة في هولندا كتاب «جعفر الخليلي في ديار الدروز» للمؤرخ العراقي محمد سعيد الطريحي، من 436 صفحة، ويروي قصة هيام كاتب عراقي كبير بلبنان وأهله، ويتتبع تاريخ الصلات التاريخية بين الموحدين الدروز والقبائل العراقية وجذورها.

ويشرح المؤرخ عن جعفر الخليلي (1904–1985) بأنه أحد رواد الأدب العراقي الحديث، وشخصية متعددة المواهب، جمع بين الأدب والشعر والصحافة والتأريخ والترجمة وهو صاحب جريدة «الهاتف» (1935م-1954) التي لعبت دورًا كبيرًا في خدمة الأدب العربي. غادر العراق عام 1980 وعاش في أُخريات حياته في الأردن وتوفي في دبي ودفن بها. وترك ما يزيد على ثلاثين أثراً جُمعت في موسوعة «الأعمال الكاملة لجعفر الخليلي» التي صدرت في ثلاثين مجلداً عن أكاديمية الكوفة في هولندا

وبالإضافة الى هذا العمل الموسوعي لأعماله قام الطريحي محقق الموسوعة ورئيس الأكاديمية بتحقيق كتبه جميعاً وأخرجها ككتب مستقلة، وبالإضافة الى ذلك استخرج مؤلفات أُخرى من كتاباته وأوراقه المخطوطة في مواضيع اهتم بها الخليلي في حياته جمع موادها ونسق بين معلوماتها، ومنها هذا الكتاب «الخليلـي فـي ديـار الـدروز» الذي يحتوي على 436 صفحة، ضمَّنه خواطر وصور من حياته في لبنان منذ أن بدأ في أوائل العشرينيات من القرن العشرين في رحلة اليه لقضاء فصل الصيف استجماماً للراحة واتقاءً من حرّ العراق اللهَّاب وكان يحطُّ رحاله في ربوع بني معروف بلبنان. وأشارت «إذاعة لبنان» ذات مرة إلى غرام الخليلي بلبنان واقامته الصيفية الدائمة فيه كل عام، وقالت: «إن الذي زار لبنان أربعين سنة مصطافاً كان جعفر الخليلي».

وقد بقي على عادته السنوية طيلة تلك السنين مصطافاً (في جبل لبنان وقضاء الشوف وعاليه وبين سوق الغرب وظهور الشوير)، فأحبَّ أهل تلك الديار من صميم قلبه ووجد فيهم هوى نفسه وراحة عقله وأعجبته قِيم أبنائها لما يتمتعون به من الأخلاق العالية، ودستور عيش ورثوه في مراحل حياتهم الخاصة والعامة، فبادلهم الآراء والأفكار واستحسن عاداتهم وأعرافهم وبهذا ربطته علاقات واسعة مع بيوتات عريقة وشخصيات مرموقة، وكان له في لبنان أصدقاء وأحباء، وقد دوَّن في ذكرياته الكثير من نوادر ومواقف أيامه خلال اقامته تلك، مستعرضاً مشاهد حيَّة عاشها في تلك الأنحاء، اذ كان شاهداً حيَّاً لعدد من الأحداث والوقائع المتعلقة بعوائد مَن عرفهم عن قرب

قام الطريحي باستخراج تلك المشاهد التي دوَّنها الخليلي وخطَّها بقلمه، ووضع لكل مشهد ذَكَره عنواناً يُنبئ عن فحواه تيسيراً للقارئ الذي يتطلع الى الحادثة التي يرغب بالاطلاع على تفاصيلها، وأضاف الى ذلك ما نشره المؤلف في جرائده من مقالاته أو مقالات غيره المختصة بالدروز مضيفاً لها ما وقع بين يديه من مواضيع تتصل بالكتاب.ثم أتبع ما تقدم بما كتبه الخليلي عن الشخصيات الدرزية والتي استأثرت باهتمامه، فكتب عنها تراجم قيّمة حوت من المعلومات والحوادث والطرائف المتعلقة بها وقد دبَّجها بيراعه الخصب وزيَّنها بتلاوين جميلة من الأوصاف والأساليب القصصية المحفّزة للمتعة والاستمرار في متابعة ما كتبه عن أُولئك الأفذاذ الذين صحبهم وعاش معهم، ومن هذه الشخصيات الفذّة: الشيخ نسيب بن سعيد مكارم (1307 ــ 1391 هـ / 1889 ــ 1971م)، والأستاذ عجاج نويهض (1898 ــ 1982) والدكتور أميـن قاسـم زهـر (1909 ــ 1980). وقد أضاف مع كل ترجمة معلومات أخرى زيادة في تعريفهم وتخليداً لذكرهم لكي لا تنسى الأجيال ما قدّموه لأمتهم من السيرة الحسنة المستقيمة والأعمال الخالدة في مجال العلم والأدب والفن مع الجهاد المتواصل لخدمة الامة والوطن

غرام العراقيين بلبنان

وبطبيعة الحال ألفى الخليلي في لبنان شيئاً لم يألفه في أي مكان آخر، سواء في مقر اقامته في الجبل أو عند نزوله بين حين وآخر الى بيروت عروسة البحر الأبيض المتوسط التي يقبّل البحر أقدامها صبحاً ومساء، وتخرج الشمس وتغيب كل يوم في بحرها اللازرودي الجميل! وما كان يراه من النساء الجميلات السافرات، وحتى المحجبات في تلك الأيام وهُنَّ يخطرن في كل مساء على الساحل الذي يقوم عليه القصر الشامخ إلى جنب البيت المتواضع يومذاك.

وليس الخليلي أول نجفي أو عراقي يهيم بجمال لبنان. فهذا الشعور الذي خامره لأول مرة حين زار لبنان وجده غيره من السائحين العراقيين، والشعور يتضاعف مرَّات ومرَّات فيما اذا كان السائح في هذا الموقف أديباً بارعاً كالخليلي أو غيره من أدباء العراق وشعرائه الذين كتبوا قصائدهم الجميلة في سحر لبنان وعظمته يوم كانت بيروت في النصف الأول من القرن المنصرم تفوح بين أحيائها الأزهار التي توشي الطبيعة بها حتى جدران البيوت، والأحراج التي تحيط ببيروت من جهاتها الثلاث وهذا البحر الهائج الصاخب حيناً، والساجي الصامت أحياناً أخرى، وأين كانوا يرون الحور العين والكواعب التي تموج بها شوارعها وأسواقها ومنتدياتها التي توحي لهم بالشعور المنسجم وهناءة العيش. وأين كل هذا من أزقتنا الضيقة وسحب الغبار التي تغطي مدينتنا بسموم الصحراء؟ فلا عجب أن تنطلق قريحة الشاعر النجفي الشيخ علي الشرقي فينشد قائلاً:

يا سمو الخيال لبنان أسمى

حسبك الوصف يا سمو الخيالِ

أجلال الجمال يغمر لبنان

ومنْ فيه أم جلال الجمالِ

شجرات تفيأ الحسن فيها

يفرش اللطف تحت تلك الظلالِ

شعشع الليل أهل لبنان فانظر

هل ترى غير كومةٍ من لآلِ؟

لم يفتر حنين العراقيين للبنان حتى اليوم وان بدَّدت الحرب بعض محاسنه فيما آلت اليه من ويلات ومصائب تشيب لها الولدان. ومع ذلك يجد السائح ضالته ويجد الأديب العراقي الذي أرهقه جمر تموز راحة باله وتجدد نشاطه وروحه الشعرية وتنامي قابليته الأدبية

الخليلي والدروز

كتب الخليلي جملة من الانطباعات التي ترسَّخت لديه عن الأُمة الدرزية منذ عام 1923 ومما دوَّنه بتاريخ 25 أيلول 1936م، هذه اللوحات الواقعية، قائلاً: «إن خير من بقي نموذجاً صالحاً للعرب وللعروبة إنما هم الدروز لأن الأخلاق العربية لا تزال محفوظة مصونة يحرص عليها كل درزي حرصه على أعلى شيء لديه بالرغم من كل العراقيل».

«قابلت أشخاصاً لم تكن لي بهم سابق معرفة من قبل وانه لتخونني العبارة إذا أردت أن أصف لك شدة تعلق هؤلاء وإلزامهم لي لقضاء بعض الأيام ببيتهم، وكم سرني عندما علمت بأن هذا اللحاح والشدة في الإصرار لم يكن خاصاً وإنما هو خلق عربي عام يلمسه كل غريب يدخل مدينة الدروز هذه ويتعرف بأهلها».

«والعجب من أمر الدروز هو هذا الأدب الجم والاحترام الذي يلقاه الكبار من الصغار فهذا الصغير لا يقاطع عمَّه أو أباه أو صديقه الكبير في الكلام وإن كان هو أقل منه دراية وأقل منه خبرة، بل يترك له كمال الحرية ليشعر بأنه رجل محترم بين أهله ومعارفه وإخوانه، على أن هذا لا ينفي معارضة الصغار للكبار فيما يرضونه ولكن المعارضة توجه بأسلوب يدل دلالة واضحة على أدب صاحبه وشدة احترامه لمن هو أكبر منه سناً».

«سمو الروح العربي الذي يتجلى في الدروز فقد كانوا في الماضي يبنون بهذا الروح ويحبون بهذا الروح ويموتون بهذا الروح لو كان الدروز منعزلين عن المدينة، ولو كانوا بعيدين عن الثقافة لما كان لهم أي فضل في المحافظة على أخلاقهم العربية ولكنهم قد نالوا نسبة لا يستهان بها من التعليم وقسطاً لا بأس به من الثقافة الغربية وفضلهم كلهم أنهم ظلموا برغم كل هذا محافظين على جوهرهم وحسبك هذه الروح السامية التي تحملها نفس كنفس أمير البيان وفخر العروبة الأمير شكيب أرسلان».

طواف الخليلي

مما جاء في مذكرات الخليلي: «كنت في سنة 1923 وسنة 1928 قد طفتُ أغلب المدن والقرى السورية واللبنانية والدروز عرب أقحاح ــ عملوا ما لم يعمل المسلمون والعرب في ذلك الوقت، وبالرغم من شدّة ميلي لزيارة القرى الدرزية فلم يتح لي الحظ فرصة أحقق فيها هذه الرغبة وظللت وكأني أحسب أني لم أرَ شيئاً من لبنان وسوريا، وفي هذه السنة كان أول شيء عندي هو أن أزور بعقلين وقصر الأمير بشير الشهابي الذي له من القصص والروايات والروعة ما يربو ويزيد على روعته الفنية وعظمة بنائه الخالد».

في مدينة بعقلين

وتعجبه مدينة بعقلين اعجاباً لا مزيد عليه لكونها تحاكي مدينته النجف الأشرف في سعتها وكثرة نفوسها ومن حيث عنايتها باللغة العربية والعادات العربية من الكرم والشجاعة، ولكونها حتى أوائل العشرينيات (أيام زيارته لها أول مرَّة) كانت ما تزال تستعيب الفنادق وبيوتها على الإطلاق مفتوحة لنزول الضيوف.

عوائل درزية في النجف 

 

ومما يرويه المؤلف في الكتاب: «حين انتقل الدكتور أمين زهر إلى النجف الأشرف وكانت قد سبقته الشهرة اليها، وبوجوده ووجود العشرات من العوائل اللبنانية، التي استصحبت رب أسرتها لأجل العمل في النجف الأشرف اذ كان فيهم الكثير من الأطباء والمهندسين والمدرسين، أعجبهم المقام بها واشتدت أواصر العلاقات الأُسرية والاجتماعية مع العوائل النجفية وكثر تبادل الزيارات والأفكار والعوائد».

 

ويؤكد الخليلي أنه بسبب وجود بعض الدروز وبقية الأفاضل من الأساتذة اللبنانيين الذين كانوا يقومون بالتدريس في ثانوية «النجف»، أو الأطباء الذين يمارسون أعمالهم الصحية يصبح الجو بعد أوقات الراحة من العمل لبنانياً حيث يجتمع الكثير منهم بوجود عائلاتهم مع أصحابهم من النجفيين وعائلاتهم، كما هو الحال مع الدكتور محمد العيد من بعقلين، وكان هذا الطبيب قد امتزج بأهل العلم والأدب امتزاجاً روحياً على الرغم من اختصاصه الطبي، ومنهم الدكتور ملحم حسن نعمان، ومن أمثال: الأستاذ سامي العيد، الدكتور أنيس فريحة، الأستاذ حسن شويكة، الأستاذ شفيق شبشب، الأستاذ يحيى أحمد شاهين، الأستاذ نايف نصر، الأستاذ عزيز نصر، الأستاذ فرحان حمادة، والأستاذ أمين حمادة وغيرهم، وكثرت «التبّولَة» يقول الخليلي: «ولم نكن نعرفها قبل وجود السيدة أبريزا زوجة الدكتور أمين زهر، وكثر أكل الفتوش والحمص بالطحينة والبابا غنوج والمجدّرة وكل هذا قد عرفناه لأول مرة من السيدة أبريزا ومواطناتها اللبنانيات والدرزيات على الأخص، وعرفه معنا معارفنا واستطعمناه، وتلذذناه باستثناء الكبة النية التي كنت قد تفرَّدت وحدي بأكلها ولكن على قدرٍ ما».

 

وفي موضع آخر يضيف الخليلي: «ولما جاء الدكتور أمين إلى النجف كان ما عرف به من استعداد لقول الشعر والأدب أدعى إلى الامتزاج والاحتكاك بطبعة أهل العلم والأدب، وكان إلى جانب التزامه برعاية الفقراء وإحجامه عن أخذ أجور المعاينة والمعالجة منهم يتأبّى كذلك أن يأخذ من أهل العلم والشعر والأدب أجرة الفحص والتداوي وكان يخف إلى إسعافهم وإسعاف آلهم ليلاً ويعود من دون أن يكون بيده شيء منهم، وتهافت عليه المرضى لما كسب من شهرة في معالجته، وكان يبعث بالبعض إلى بغداد لإجراء الفحوص حين يشك في طبيعة المرض، وقد قال لي الجراح الكبير الدكتور كاظم شبر ذات مرة عن الدكتور أمين أنه قلما شك في تشخيص المرضى الذين يبعث بهم إلينا ببغداد ولم يكن شكه في محله. وقد قضى الدكتور أمين زهر أربع عشرة سنة طبيباً في النجف، ولابد من الإشارة هنا الى أنه لم يكن أول عربي درزي قدم خدماته الطبية في النجف فقد سبق أن عُيّن الأمير توفيق الشهابي مديراً لصحة النجف المركزي، على عهد الملك فيصل الأول».

 

الصلة التاريخية بين دروز العراق وبلاد الشام 

 

وعن هذا الموضوع كتب الطريحي في مقدمته للكتاب: «اذا رجعنا الى التاريخ القديم لم نعدم الشواهد التاريخية المتواترة على الأصول العربية المشتركة بين القبائل العراقية ولبنان عامة وبينها وبين الدروز خاصة، وفي هذا الكتاب في ديار الدروز تفاصيل عن الأصول العراقية للأرسلانيين كونهم ينتمون الى الحيرة المدينة والعاصمة العربية الخالدة التي تقع اليوم ضمن محافظة النجف، كما لا يفوتنا هنا الصلة التي كانت تربط بين عدد من القبائل العراقية كبني لام وبني المنتفك، وبين الدروز منذ أيام الدعوة الدرزية الأُولى. ولا ننسى أن عدداَ من العشائر الدرزية اليوم تُفاخر بأُصولها العراقية كما هو الحال مع آل تلحوق وهم من مدينة الحلة (بابل) أو (حِلّة بني مزيد) ومن صميم قبيلة بني أسد بن خزيمة، وهناك من يرتبط تاريخياً مع الدروز في نسبٍ واحد، ممن كانوا من ساكني بطائح العراق (الأهوار) ومن أعلام هذه الطائفة قديماً العراقي وزيرُ الديار المصرية الفاطمي، الملك أبو عبد الله المأمون ابن البطائحي (المتوفى 519 هـ (1124م). أو ممن ينتمون الى قبيلة المنتفك التي تنحدر من قيس عيلان».

 

من مواضيع الكتاب 

 

كيف عرفت الشيخ نسيب مكارم وأولاده، كيف عرفت عجاج نويهض، كيف عرفت الدكتور أمين زهر.. «العبادية» اسمها مشتق من العبيديين الفاطميين، المختارة اشتق اسمها من بغداد، آل مكارم وآل تلحوق في عيتات، زواج صبحي الخضرا (والد سلمى الخضرا الجيوسي) من أخت فؤاد سليم بتوسط الملك فيصل الأول، آل تقي الدين، خطبة الدكتور أمين زهر للسيدة ابريزا قائد بيه، آل سراج الدين بمصر أصلهم من آل سري الدين، الست نائلة بنت الشيخ عادل تقي الدين، سامية قائد بيه والشاعر الصافي النجفي، عروبة بني معروف والأمير شكيب أرسلان، شـبلي باشـا العريـان القائد والسياسي الدرزي المتوفى سنة 1293هـ (1876م) في النجف وجنوب العراق، السيدة فطم خان بنت شبلي باشا زوجة الشيخ محمد بن سعيد بك تلحوق (إقامتها في النجف ومساهماتها في الخيرات والعمران ونذرها لمرقد الامام علي بن أبي طالب)، «رسائل الهند بين أئمة الـمُـوَحِّدين وأتباعهم في الهند»، ثناء الأستاذ سعيد حمادة ومجلة الجبل على الأستاذ الخليلي، كتاب «بني معروف بين السيف والقلم» لمؤلفه الأستاذ سعيد أبو الحسن المحامي)، شهيد الجبل الدرزي و»لقاء في بغداد»، دنيا علي بن أبي طالب والأستاذ عارف أبو شقرا، هدية الخلد (الى الشباب النجفي) للأستاذ كمال أبو مصلح، صِلات المؤرخ العراقي الشيخ ودَّاي العطية بالشخصيات الدرزية، (ضوء على الصلة بين شكيب أرسلان ورجال جبل عامل)، وصف تشييع لشاب من آل سلوم وقصيدة الخليلي في رثائه.. الخ

 

وعلى نحو الإجمال فكتاب «في ديار الدروز» احتوى على معلومات جديرة بالاطلاع وإضافة جميلة في سجل التعايش الانساني وإحياء للقيم والمُثُل العليا المشتركة التي تربط بين مختلف المكونات الدينية والاثنية في مجتمعنا العربي

 

وستجد في الكتاب من الأبحاث ما يثبت ذلك ويؤيده، ففيه أيضاً مطالب تتعلق بمنشأ الدروز وعقائدهم، قال محقق الكتاب: «أوردناها لا تقرّباً لأحد من الدروز أو غيرهم فالموحدون الدروز ــ فيما أحسب ــ لهم من المناعة ما يغنيهم في موقفهم، ولكني أكتب لمن يطوف هذا الأثر بين أنحائهم ــ وفي بلدان شتى ــ من الذين لا يعرفونهم حق المعرفة وقد يكون متأثرين بتخرّصات أعدائهم وما كانوا يكيلونه لهم من ادعاءات كاذبة ومغالطات تاريخية تتناول أخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم ومذهبهم وفلسفتهم، فأثبتُّ ما آمنت به من الآراء عملاً بالحقيقة والانصاف.

 

وتبقى واسطة العقد بل المحفّز الأساسي في عملنا هذا (خواطر الخليلي وذكرياته في ديار بني معروف) التي جمعناها ضمن دفَّتي الكتاب وتوسّعنا فيه، راجين أن يكون هذا الأثر بمادته وتوثيقاته بادرة لدراسات أشمل لأجل تمتين أواصر الصداقة وتنمية وشائج الاخوة الإنسانية التي كنّا وما زلنا نسعى ونهدف ونتمنى أن تتحقق في قابل الأيام».

 

وأخيراً هذه أبيات اخترناها من قصيدة الأديبة الشاعرة المبدعة السيّدة جمـال سـليم نويـهـض أم خلدون (1907 ــ 1994م)، والتي نظمتها تكريماً لمؤلف الكتاب الذي تربطه صلة صداقة حميمة جداً مع زوجها الأديب والمؤرخ الكبير الأستاذ عجاج نويهض، وهي تعبر عن علاقات المحبة والإخاء الوطيدة بين أُسر الموحدين والمؤلف وأسرته ومن كان يجتمع معهما كل صيف على قيم السماحة الإنسانية في الجبل الأشم:  

 

يا «جعفرا» فاض في الأقطار مورده

 

يبثها كوثر الفصحى ويسقيها

 

يقول للقلم المطواع هاك يدي

 

تعطيك من جوهر الأفكار فأعطيها

 

وشيا جميلا بياض الطرس حلبته

 

يبقى على الدهر للأجيال يهديها

 

لم تنس لبنان دار الصفو في رغد

 

والصيف يمرح في جناته تيها

 

ما عشت في بلد كنت الغريب بها

 

بل عشت حبة قلب في أهاليها

 

كل البلاد له بيتا وحاضنة

 

لذكره، وحديثا في نواديها

 

يا جعفر الخلق الصافي رويت به

 

عطش القلوب ولن ينساك صافيها

 

https://anbaaonline.com/news/307899


مشاهدات 132
أضيف 2025/12/13 - 1:20 AM
آخر تحديث 2025/12/13 - 10:51 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 790 الشهر 9833 الكلي 12793738
الوقت الآن
السبت 2025/12/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير