الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 الألم يتحوّل إلى حياة بمعرض يضم 193 لوحة

بواسطة azzaman

العاني لـ (الزمان): الفن علاجي الوحيد

 الألم يتحوّل إلى حياة بمعرض يضم 193 لوحة

 

بغداد - الزمان

في كل مرة تمسك زينب العاني الإبرة والخيط أو الريشة واللون، يبدو أنها تكتب فصلًا جديدًا من حكاية صمود غير مسبوقة. ليست مجرد فنانة تشكيلية، بل قصة مقاومة نجت من سلسلة أمراض وجراحات معقدة، لتجد في الفن نافذتها الوحيدة نحو الحياة. وفي هذا الحوار مع (الزمان)، تكشف زينب تفاصيل رحلتها، وكيف تحوّل الألم إلى طاقة إبداع جعلتها تنتج ما يقارب مئتي لوحة في معرض واحد.

تقول زينب عن نفسها إنها من مواليد 2001، وتبلغ اليوم 24 عامًا. تمتلك موهبة الرسم منذ طفولتها، ولم تتعلم الفن على يد أحد، بل خرج منها بشكل طبيعي وكأنها كانت تحمل في داخلها فنانة تنتظر اللحظة المناسبة لتولد. تدرس حاليًا في جامعة الفنون التشكيلية لتعمّق هذه الموهبة. وتشير إلى أنها تستوحي الكثير من أعمالها من الأطفال والدمى، ومن عالم داخلي هادئ تلجأ إليه عندما يشتد الألم.

وعن بدايات رحلتها الصحية القاسية، تكشف أنها عانت من قرحة معوية والتهاب حاد في المعدة، ثم تطوّر الوضع إلى ارتجاع مريئي حاد وتلف في جدار المعدة والكبد، قبل أن تزداد حالتها سوءًا بسبب دواء خاطئ. وتروي أنها خضعت لعملية جراحية كبيرة شملت استئصال جزء من المعدة والقولون والكبد، أعقبها عام كامل لم تستطع فيه الأكل أو الشرب. وبمجرد أن بدأت تستعيد قوتها، واجهت جلطة دماغية شكلت منعطفًا جديدًا في حياتها.

ورغم كل ذلك، ظل الفن حاضرًا. تقول زينب: “الفن يمثل لي الفرح ومسكنًا للألم… إنه راحتي وطاقتي للحياة. عندما أرسم أنسى المرض تمامًا.” لذلك، لم يكن الرسم بالنسبة لها هواية، بل علاجًا يعيد إليها القدرة على الصمود. وتوضح أنها سافرت بعدها إلى تركيا للعلاج وإعادة التأهيل، وهناك كانت تمسك الريشة يوميًا كأنها تستعيد جزءًا جديدًا من حياتها.

وعندما تتحدث عن فن الخياطة بالإبرة والخيط، تبتسم وتقول إنه جاءها فجأة عام 2021. لم تتعلمه، ولم يعلّمها أحد. لكنها اكتشفت أن هذا الأسلوب المختلف يعبر عنها أكثر من أي شيء آخر، لأنه يجمع بين الحساسية والدقة والجهد الطويل. وتشير إلى أن كل لوحة مخاطة تحتاج وقتًا وصبرًا، لكنها تمنحها إحساسًا بالراحة والانتماء.

بيت الشباب

وتستعيد مشاركاتها في المعارض الفنية، بدءًا من مشاركتها الأولى في وزارة الثقافة عام 2021، ثم مشاركتها مع مجموعة من الفنانين في بيت الشباب في العام نفسه، مرورًا بمعرض الفنانات التشكيليات العراقيات في الأردن عام 2022، ووصولًا إلى معارضها الشخصية في دكان رؤيا وذا غاليري وقرية دجلة. لكنها تعتبر معرضها الأخير محطة خاصة في مسيرتها، إذ شاركت فيه بـ 193 لوحة دفعة واحدة، وهو رقم ترى أنه يمثل حجم الطاقة الفنية التي وُلدت من قلب الألم.

وبخصوص اختيار عناوين أعمالها، تقول إنها تأتي من الداخل؛ من إحساس عابر، أو فكرة، أو مشهد رأته، أو حلم مرّ في ذهنها. أحيانًا يكون العنوان رسالة قصيرة، وأحيانًا يكون مرآة لحالة نفسية كاملة تختصر لوحة كاملة بكلمة واحدة.

وعندما سألناها عما يعنيه لها الفن اليوم، تجيب بثقة: “الفن هو حياتي، علاجي، وراحتي. هو الشيء الوحيد الذي لم يتركني في أصعب اللحظات. لا شيء يقف في طريقي ما دمت قادرة على أن أرسم.”

وفي ختام حديثها، توجه زينب رسالة إلى جمهورها: تؤكد أن الحياة، رغم قسوتها، تمنح فرصة جديدة دائمًا لمن يملك الإصرار. وتشكر كل من وقف معها وآمن بأن الفن شفاء، وتعد بأن القادم أجمل، وأن أعمالها المقبلة ستجمع بين الألم والأمل، وبين الخيط واللون، وبين الطفولة والحلم.


مشاهدات 91
أضيف 2025/12/03 - 5:11 PM
آخر تحديث 2025/12/04 - 12:46 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 405 الشهر 2722 الكلي 12786627
الوقت الآن
الخميس 2025/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير