الجحيم... أسرة
اميمة ابراهيم السامرائي
لم نعد نتحدث عن العنف الأسري كحالة فردية بل اصبح اشبه بعرض لا ينتهي من مسلسلات العنف الامريكي، يتفنن فيه الاب والام كمخرج ومنتج , ليعرضانه على منصات التواصل الاجتماعي منافسا للطبخ والمكياج والازياء.
أب منفصل عن زوجته يحتفظ بابنته، يضربها ثم يرسل الفيديو إلى أمها علها ( تنقهر وتجي تاخذهة ويخلص). مشهد تراجيدي نعرفه جميعا، صار يبث كحرب باردة بين زوجين يقتتلان على حساب الطفولة واطلال البراءة.
اطفال يتحولون الى وسيلة ضغط بين اب يقسو ليثبت أنه الاقوى وام تذرف دموع التماسيح لتكسب تعاطف المتابعين. في النهاية لا أحد ينتصر إلا الفشل الأسري الذي يتكاثر أمام أعيننا على شكل اطفال معاقين لا جسديا فحسب, بل نفسيا. يترك فيه العنف المعلن آثارا عميقة من ضعف احترام الذات، اضطرابات قلق واكتئاب، وربما سلوكيات معقدة في المستقبل. كل ذلك بينما يجلس الكبار في مقاعد المتفرجين (أو المصورين).
في العراق، هناك تقارير رسمية تتحدث عن آلاف حالات من العنف ضد الاطفال خلال سنوات قريبة , وهو واقع يضع الأطفال أمام مخاطر حقيقية داخل محيطهم الأقرب . صحيح ان لا أحد يولد ابا صالحا أو اما مثالية، لكنّ المأساة تبدأ حين نرفض التعلم ولا نقبل بتحمل المسؤولية .الأبوة قرار تربوي وطفلنا إنسان يحتاج إلى بيئة آمنة وليس تحويله الى سلاح للانتقام.
لا اريد ان اختم الكلام بنقمة بلا أفق .. بلا مناشدة .. بلا حلول مقترحة لدولة ومجتمع واسرة تبدأ من تحديث قوانين حماية الطفل وتطبيقها بصرامة، وإعادة صياغة آليات الحضانة ووجود آليات رقابية ووضع خطط انتقال آمنة للطفل بعيدا عن نزوات الأهل , وانشاء مراكز تأهيل أباء وأمهات بل ودورات إلزامية في إدارة الغضب وتربية الأطفال بعد الطلاق. وضرورة الرقابة الرقمية قبل ان تتحول آلامهم إلى ترند، امام مجتمع يرى أن الألم مادة عرض وليست جريمة. ويبقى السؤال: كم طفلة أخرى يجب أن تضرب أمام الكاميرا… قبل أن ندرك كارثة ما وصلت اليه نواة المجتمع ؟!