البيوت التراثية الموصلّية وواجب الحفاظ عليها
نجيب الرمضاني
ليست البيوت التراثية مجرد جدران طينية أو جص واحجار قديمة صمدت أمام الزمن بل هي صفحات نابضة من تاريخ المدن وشواهد حية على حضارات مضت وأجيال عاشت فوق هذه الأرض في كل زاوية من زواياها حكاية وفي كل شرفة نمط معماري يختصر ذائقة مجتمع وفي كل باب خشبي محفور دمعة فراق أو ابتسامة لقاء.
اليوم ومع تسارع حركة العمران وامتداد الأبنية الحديثة بدأت هذه البيوت تفقد مكانتها وتتعرض للإهمال والاندثار بعضها هدم وبعضها ترك يواجه وحده فعل الزمن والأمطار والتشققات وكأنها لم تكن يومًا حضن العائلة ودفء الذكريات.
إن الحفاظ على البيوت التراثية ليس مسؤولية الدولة وحدها بل هو واجب كل فرد في المجتمع من المواطن البسيط الذي يرى في هذه البيوت ذاكرة لجده ولأبيه إلى المؤسسات الثقافية التي تدرك قيمتها التاريخية إلى وسائل الإعلام التي يقع على عاتقها نشر الوعي وتوثيق ما تبقى قبل أن يُمحى من الوجود فالدول المتقدمة لم تحفظ تراثها من أجل الجمال فقط بل لأنها أدركت أن الأمم التي لا ماضي لها لا حاضر لها ولا مستقبل وما نراه اليوم من نجاحات في السياحة الثقافية والتراثية ما كان ليكون لولا احترام الإنسان لتراثه واعتزازه بجذوره، هناك بيوت تراثية لا تزال واقفة تنتظر من يرممها ويعيد لها الروح لتتحول إلى متاحف أو مراكز ثقافية أو بيوت للفن أو السياحة وكما حصل في بيت التراث ومؤسسة بيتنا وبيت أهلنا. والبيت الذي أعيد ترميمه وأتخذ مقرآ لفرقة الملا عثمان الموصلي إن إعادة الحياة لهذه البيوت هو استثمار حضاري واقتصادي في آن واحد يضيف للمدينة سحرا خاصا ويمنح الأجيال القادمة فرصة لملامسة التاريخ لا من خلال الكتب فقط بل عبر الجدران التي احتضنت الماضي إن ألبيوت التراثية ليست ملكًا لأحد بل أمانة في رقاب الجميع وتركها للخراب جريمة بحق الهوية وإنقاذها رسالة وفاء للتاريخ ولمن ربانا وعاش فيها من اجدادنا وآبائنا واليوم هناك المئات من البيوت التي أعيد بناؤها بنفس الطراز والمواد من جص وحجر وفرش وحلان وعلى الطريقة الموصلية وإعادة روح الحياة للمنطقة القديمة، وتم تسليمها لأهلها ليسكنوا فيها، فلنعمل جميعآ على أن نكون مع من يقدم يد العون من المنظمات والجمعيات والدول الداعمة حتى نخرج بنتيجة رائعة وجميلة .