الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رازونة متنفس العائلة البصرية لذكريات المدينة التراثية والثقافية

بواسطة azzaman

ملتقى يقصده السياح من مختلف دول العالم

رازونة متنفس العائلة البصرية لذكريات المدينة التراثية والثقافية

 

البصرة - أمجاد ناصر

على واجهة نهرالعشار الذي يحتضن اخر ما تبقى من البيوت التراثية (لشناشيل) تبرز لافتة بين لافتات القصر الثقافي ومتحف التراث و اتحاد الكتاب والادباء و جمعية التشكيلين, كتب عليها ( رازونة), هذه التسمية تعيد لنا كلمة ربما تناسيناها او يجهلها الجيل الحالي, وهي مفردة عامية عراقية تُستخدم لوصف رف مبني في الجدار, أو فتحة في الحائط تستخدم لتخزين أو عرض الحاجيات وتُعتبر سمة من سمات البيوت العراقية القديمة و المشتقة من الكلمة العربية ( روشنة  أو  روزنة ).

في هذا المكان تستمع الى الطرب الأصيل من أنغام العواد الفنان قصي البصراوي, وايضا الفنان الشاب سرور مجدي, وغيرهم من الفنانيين الرواد والشباب الذين يقدمون اللون البصري والعراقي والعربي الاصيل, فهنا لا تعرف انتماءات رواد المكان فقط انهم من أهل البصرة و ضيوفهم, ويمنع الحديث و النقاش بالسياسة والدين والتطرف و الطائفية والعنصرية, لان الاستماع الى الطرب الاصيل ومشاهدة المقتنيات القديمة والديكور وكتابات الضيوف للذكرى واللوحات التشكيلية والمجسمات البصرية التراثية وجميع الفنون و الانشطة الثقافية, هي طاغية على المكان الذي يسحرك الى عالم الذكريات.  ويقول هاشم اللعيبي, صاحب ملتقى رازونة لـ الزمان: يوجود 164 دار تراثي في البصرة القديمة منطقة الباشا أعيان, ومنها مهملة و أيلة للسقوط رغم انها تشكل فترة ذهبية في تاريخ و تراث البصرة والعراق, فأصبح لدي دافع وطني لأحياء أحد هذه البيوت ( الشناشيل ) فذهبت الى دائرة الآثار, والسياحة للأستفسار وكذلك لمنظمة اليونسكو, وقدمت الدعوة لهم للمجيء خاصة انهم  لديهم مشاريع لأحياء هذه الدور التراثية, فأصبح لدي حافز قوي ان اعمل بفكرتي لأنشاء ملتقى ثقافي فني يعيد لأهل البصرة جزء من أجمل ذكرياتهم, وأعيش باقي حياتي المدنية واقصد الحياة التي يتمتع الإنسان بها بكل حرية ضمن حدود, ومن خلال مشاهدتي  لعدد من ( الرازونات ) خلال أعكار و تأهيل المكان, خطرت في بالي تسمية الملتقى بـ رازونة, لكي اعيد الذكريات الجميلة لأهل البصرة فضلا الى تثقيف الجيل الجديد على هذه التسميات القديمة.

مضيفا: استمر العمل بجهود شحصية لأكثر من سنة دون أستلام دعم مالي من اي جهة, وقمت بأنجاز   اغلب الاعمال بيدي ابتدا من عملية التفليش الى البناء و الديكور والصبغ وصناعة الابواب والشبابيك و المقاعد الخشبية ( الكراويت ) ومن ثم المجسمات للشناشيل, و شراء بقية المستلزمات التراثية و الفلكلورية, و جميع التصاميم قمت بتصميمها و بتنفيذها لأعادة الحياة لهذا المكان, فضلا الى فتح ورش لتعليم الرسم و الفن التشكيلي و قاعاة خاصة للاعلاميين والصحفيين فضلا الى أقامة سفرات الى اهوار الجبايش, اقامة أمسيات شعرية وغنائية, و تقديم الوجبات و المآكولات البصرية الشهيرة بطريقة طهي البيت, وجميع المآكولات الخليجية و الغربية و تقديمها بواسطة الاطباق المصنوعة من سعف النخيل ( الطبك – الطبق ) و الاواني المعدنية القديمة ( الصينية ) ذات النقوس الملونة, و بدأت أبث الحياة للمدنية, وأستقطبت العائلة البصرية من الأجداد الى الاحفاد و ضيوفهم من جميع المحافظات العراقية و الدول العربية والاجنبية و أهل البصرة المغتربين جميعهم اصبحوا رواد الملتقى رغم مساحته الصغيرة .

مشيرا عن استقطاب المواطنين و مواجهة التحديات و أمنياته ؟ : بعد الافتتاح كانت التساؤلات بسبب أقامة الامسيات الغنائية بالرغم انها من التراث و الفلكور العراقي و العربي و الاغاني لكبار الفنانيين القدامى, فقمت باستدعاء محافظ البصرة المهندس أسعد العيداني و رئيس اللجنة الامنية والثقافية الدكتور عقيل الفريجي, لزيارة الملتقى واصدر لنا المحافظ أجازة ممارسة مهنة لانه داعم للحياة المدنية التي تصب لمصلحة المواطن البصري, وهذا الدعم المعنوي انهى جميع المعوقات, و من خلال السلوك الطيب مع رواد الملتقى و مشاهدتهم هذا الصرح الثقافي التراثي استقطبناهم, فضلا من خلال قسم الاعلام بأدارة ابني أركان اللعيبي و زوجته الفنانة التشكيلية وشقيقتي الكبيرة الخبيرة في التراث باليونسكو و مديرة الآثار 40 سنة, استفدنا منها بالتصاميم التراثية, و أكيد أمنيتي الحصول على بيت تراثي كبير مثل بيت النقيب الذي تبلغ مساحته 4500 متر, و بدل الأهمال بسبب التجاوز عليه أحوله الى قصر تراثي ثقافي او متحف بصري خاص, بدل تحويله الى دار استراحة , لدينا العديد من الأفكار فتح أقسام المسرح و السينما لأن هدفنا نحتضن طبقة الفنانيين والإعلامية في البصرة ةمل من لديه ابداع في هذه المدينة العراقية الاصيلة للحفاظ على ما تبقى من تراث و فلكلور للأجيال

لكل قطعة حكاية

ومن بين رواد الملتقى سيدة بصرية كبيرة بالسن بصحبة ابنائها و احفدها تقدمت اليها و شريط الذكريات يملء عينها, واسمها الحاجة أم خالد: هذه الأجواء أعادتنا إلى بيوتنا القديمة في المشراق, وأسترجعت  في ذاكرتي ملامح طفولتي في الأربعينب منطقة المشراق مركز مدينة البصرة, هذا التجمع الجميل (اللمة الحلوة) من مختلف الأعمار وهم يتأملون المقتنيات التراثية التي كانت أثاث بيوتنا قديما, ويتذوقون المأكولات الشعبية ويستمتعون بالأغاني القديمة لفنانيين البصرة والعراق والخليج ومصر والشام, و أنا سعيدة جداً بحضور الشباب وأشاهد الفرح في عيونهم وهم يرددون الأغاني التي تذكرنا بأيام البصرة الجميلة, وحتى بأجواء رمضان والأعياد لأن هذا المكان بما يحتويه من أثاث قديم جعلني أسترجع كل الذكريات,  فلكل قطعة حكاية, أتذكر أيضاً أن الفتيات في ذلك الوقت كن يقدن الدراجات الهوائية (البايسكلات)، والجيران جميعهم كانوا عائلة واحدة, لا فرق بين الولد والبنت فابن الجار كان يعتبر ابنة الجار مثل أخته, واليوم اصطحبت معي شقيقتي القادمة من أستراليا لتعيش معي هذه الأجواء التي تشبه تماماً طفولتنا وشبابنا.

وتضيف شقيقتها أم هاني: غادرنا البصرة إلى أستراليا عام 1993, وخلال جلوسي في هذا المكان بدأت ألتقط الصور وأرسلها إلى أولادي في دبي, كما احتفظت بعدد من الفيديوهات لأشاركها مع أصدقائنا العراقيين في الخارج خصوصاً من أهل البصرة, لقد كانت زيارة مليئة بالمشاعر والذكريات وأجمل ما رأيته هو التطور العمراني الكبير في المدينة, حتى أنني لم أتعرف على طريق بيتنا القديم فقد تغيّرت معالم البصرة كثيراً.

وأصبحت الشوارع أوسع, كنت أسأل أختي: نحن الآن في أي شارع؟ لأن المعالم تغيرت و اختلفت, في السابق كانت الحدائق تملأ البيوت وتقابلها بساتين خضراء, أما اليوم فحلت محلها المحلات والأسواق,  هذا المكان أعادني إلى بيتنا القديم الذي ما زال محفوراً في ذاكرتي حتى شجرة النبق التي كانت تتوسط البيت  لم تغب عن بالي.

رحالة امريكي لم نشعر بالخوف في العراق

كما أشار الرحالة الأمريكي ماسيمو بيوريسي، مدير الفريق السياحي: هذه زيارته الأولى للعراق، وهو البلد رقم (75) في قائمة الدول التي زارها حول العالم, وفريقنا السياحي يتكون من مختلف الولايات الأمريكية , تواصلنا مع زميلة لنا في إقليم كردستان العراق لتنظيم رحلتنا إلى بغداد والانطلاق منها في جولة سياحية إلى أهم المواقع الأثرية في البلاد, و كانت محطتنا الأولى مدينة بابل لمشاهدة آثارها الشهيرة, ثم توجهنا إلى محافظة المثنى لزيارة مدينة أوروك, ومنها إلى محافظة ذي قار لزيارة مدينة أور, وختام رحلتنا كان في البصرة، وتحديداً في قضاء القرنة لزيارة شجرة آدم, وحين وقفنا أمام شجرة آدم, سالت دموعنا جميعا لأننا تعلمنا في المدارس أن هذه المنطقة هي مهد الحضارات, وعندما شاهدناها بأعيننا شعرنا بقشعريرة وامتزجت مشاعر الدهشة بالفخر, وتجولنا في مدينة البصرة فوجدناها مدينة كبيرة تجمع بين عبق التاريخ وحداثة الحاضر, شاهدنا المدينة القديمة والحديثة التي فيها امتزاج الحداثة بعبق التاريخ.

شعور الطمأنينة

مضيفا : من عادتي أن أُكمل رحلتي في أي دولة ثم أنتقل فوراً إلى بلد آخر، لكن بعد ما رأيته من كرم ولطف أهل العراق, أشعر برغبة حقــــــــــــيقية في العودة مرة أخرى, في كل مكان زرناه استقبلونا بحفاوة وحتى في نقاط التفتيش كان التعامل راقياً جداً, إذ كانوا يسألوننا إن كنا نحتاج لأي مساعدة.

كما زرنا جامع (خطوة الإمام علي) في قضاء الزبير، وكان المواطنـــــــــــــون هناك في غاية اللطف والترحاب, وخلال جولتنا في العراق لم نشعر بالخوف إطلاقاً, بل بالطمأنينة, وأقولها بصراحة: أجمل تعامل وكرم ضيافة وجدته كان في لبنان ومصر والعراق, هذا الملتقى الثقافي رائع جدا و استمتعنا بأجوائه المفعــــــــــــمة بالموسيقى والغناء الشعبي والطعام العراقي اللذيذ للغاية, و كل ما شاهدته في العراق سأشاركه عبر صفحاتي على وسائل التواصل الاجتماعي لأحدث الناس عن تجربتي الجميلة في هذا البلد العظيم بتاريخِه وحضارته وشعبه الطيب.


مشاهدات 69
أضيف 2025/11/03 - 2:45 PM
آخر تحديث 2025/11/04 - 6:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 209 الشهر 2538 الكلي 12364041
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير