الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شركات السياحة في العراق

بواسطة azzaman

شركات السياحة في العراق

حاكم الشمري

 

شركات السياحة في العراق أصبحت في السنوات الأخيرة موضوعًا متكررًا في شكاوى المسافرين، فبدلًا من أن تكون هذه الشركات بوابة للراحة والتنظيم والاستمتاع، تحولت في كثير من الأحيان إلى مصدر إرباك وتعب للمواطن الذي يحلم برحلةٍ مريحة. تبدأ القصة من لحظة الحجز، حيث تُقدَّم وعود براقة وجداول زمنية دقيقة وسكن فاخر وتنقلات مريحة، لكن الواقع عند التنفيذ يكون مختلفًا تمامًا عما تم الاتفاق عليه.

يعاني أغلب المسافرين من عدم دقة المواعيد، فتتأخر الرحلات عن مواعيدها المحددة أو تُلغى دون سابق إنذار، مما يربك المسافرين ويُفقدهم ثقتهم بالشركة. أما السكن الذي يُقدَّم في الإعلانات والصور فهو غالبًا لا يشبه ما يُقدَّم على أرض الواقع، فالفنادق أحيانًا تكون دون المستوى، أو بعيدة عن المواقع السياحية المتفق عليها، أو تفتقر إلى أبسط شروط النظافة والخدمة الجيدة. وحتى وسائل النقل التي يُفترض أن تكون مريحة وآمنة، تتحول إلى سيارات قديمة أو حافلات مزدحمة لا تراعي أدنى معايير السلامة والراحة.

الأسوأ من ذلك أن بعض الشركات تفرض رسومًا إضافية غير متفق عليها مسبقًا، أو تُطالب المسافر بالدفع بالدولار بأسعار صرف مختلفة عن السعر الرسمي، مما يجعل الكلفة النهائية أعلى بكثير مما تم الاتفاق عليه. كل هذه التجاوزات تحدث وسط ضعف واضح في الرقابة الرسمية، إذ رغم وجود قوانين وتعليمات تنظم عمل شركات السياحة، إلا أن المتابعة الميدانية تبقى محدودة، ولا توجد آليات سريعة وفعالة لمعالجة الشكاوى أو تعويض المتضررين.

ويرجع جزء من المشكلة إلى ضعف العقود الموقعة بين الشركات والموردين من فنادق وشركات نقل، إذ تُبرم هذه العقود غالبًا دون وضوح أو تفاصيل دقيقة، مما يفتح الباب لتلاعب الطرفين على حساب الزبون. كما أن كثيرًا من المسافرين لا يقرأون الشروط جيدًا قبل الدفع، ولا يحتفظون بإيصالاتهم أو وثائق الحجز، فيصعب عليهم المطالبة بحقوقهم عند حدوث الخلل.

إن هذه الممارسات تضر بسمعة السياحة العراقية، وتُضعف الثقة بالقطاع ككل، خصوصًا وأن البلاد تمتلك مقومات سياحية كبيرة قادرة على جذب الزائر المحلي والأجنبي على حد سواء. فحين يسمع المسافر عن التجارب السلبية، يعزف عن السفر عبر الشركات المحلية، مفضّلًا الترتيب بنفسه أو التعامل مع شركات خارجية أكثر التزامًا واحترافًا.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار وجود شركات سياحة عراقية ملتزمة تقدم خدمات جيدة وتحاول الحفاظ على سمعتها، لكنها تعاني بدورها من منافسة غير عادلة مع شركات لا تراعي الضوابط. ولهذا فإن إصلاح القطاع يتطلب رقابة حكومية صارمة، ومساءلة حقيقية للشركات المخالفة، مع حملات توعية للمواطنين تُعرّفهم بحقوقهم وكيفية تقديم الشكاوى عند التعرض للغش أو التلاعب.

إن تطوير السياحة في العراق لا يقتصر على بناء الفنادق أو فتح الرحلات، بل يبدأ من الثقة بين المواطن والشركة، ومن الالتزام بالوعد قبل أي شيء آخر. فحين يشعر المسافر أن أمواله وجهده ووقته محفوظة، سيعود ليكرر التجربة وينقل صورة إيجابية عن السياحة في بلده، أما إذا استمرت الفوضى، فستظل الرحلات السياحية مجرد وعود على الورق، لا أكثر.


مشاهدات 4
الكاتب حاكم الشمري
أضيف 2025/11/12 - 2:15 PM
آخر تحديث 2025/11/16 - 4:14 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 388 الشهر 11424 الكلي 12572927
الوقت الآن
الأحد 2025/11/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير