رحيل الشاعر الغنائي حامد العبيدي.. محلاك دجلة من تمر ونازل يا قطار الشوگ تتصدران مسيرة مبدع
الحلة - كاظـم بهَــيّــة
في 30 تشرين الاول الماضي انطفأت جذوة الحياة في اعماق الشاعر الغنائي حامد العبيدي ، وكان كتاب حياته حافل بالعطاء والابداع الشعري فهو عبر سنواته الطويلة استطاع أن يزرع في قلوب محبيه شجرة من القصائد الجميلة ذات النكهة والروحية الشعبية الحديثة التي ضمتها مجموعته الشعرية ( ليالي الغريب ) التي اصدرها عام 1968 أي قبل أن يصدر الشاعر الراحل مظفرالنواب ، ديوانه الموسوم ( للريل وحمد )، وقد أثرى ساحة الغناء بقصائد مغناة تحمل انغام شجية و منها في عام 1959 كتب (محلاك دجلة من تمر عالوادي ) للمطرب عبد الرزاق العزاوي والتي لحنها الفنان عباس جميل ، يقول الباحث الموسيقي والفنان حيد شاكر ال حيدر في احدى كتاباته :»لتكون تلك الاغنية هي البداية الحقيقية لشاعرنا الجميل وهو يستمتع لما كتبه يترجم لحنا جميلا ولملحن بغدادي كبير هو عباس جميل وتعتبر بداية رصينة لشاعر اراد ان يثبت جدارته رغم وجود عمالقة الشعر الغنائي ، لذلك توجهت انظار الملحنين ومعها المطربين والمطربات لما يكتبه حامد العبيدي امثال فاروق هلال ورضا علي وجاسم الخياط واحمد الشافي وعدنان محمد صالح وصباح غازي واحمد الزيدان ووداوود القيسي ويحيى حمدي ومحمود عبد الحميد وجعفر حسن وسامي قفطان « وبعد كل ذلك كتب وابدع و اشتهر برائعته عربيا بأغنية ( نازل يا قطار الشوگ نازل هاي ديرتنه ) التي لحنها سالم حسين وغناها المطرب المصري إسماعيل شبانة ثم غناها عبد الزهرة مناتي ومن ثم عبد الجبار الدراجي وبعده الكثير من المطربين، وكذلك أغنية ( مثل الغريب ) ألحان وغناء فاروق هلال واغنية (حنان عيونك وحبك) ألحان جميل سليم وغناء مائدة نزهت، ، و( أصلي وأصلك عراقي ) ألحان محمد القبانچي وغناء حسين إسماعيل الأعظمي واخر اغنية كتبها هي (مواعيد الامل لشوكت ) الحان الفنان حيدر شاكرال حيدر وغناء الفنانة المغتربة حليمة الجبوري ، وغيرها الكثير.
اوبريتات غنائية
وكان له باع طويل في كتابته الأوبريتات الغنائية ،ذكر منها (الحصاد – كفاح الشعب – العائلة وووغيرها ) وله ملحة غنائية بعنوان (نبعة ونبع وزهرة المحبة ) وان السنين لا يمكن لها ان تمحوها من وجدان الناس العشاق والمحبين .
وحامد العبيدي المولود في منطقة الكسرة - بغداد 1944 ،نشأ وترعرع في بيئتها الشعبية كانت البداية بمولد شاعر ومنها استوحى معظم اعماله الشعرية حتى فيما بعد اصبحت له مكانة في المشهد الشعري البغدادي خاصة والعراق عامة ، وهو يعد آخر شعراء السبعينات المبدعين في حركة الحداثة في الشعر العامي . فكان شاعرا عراقيا كبيرا ،لم يستفد من فرصة انتشاره بسب مطاردته واعتقاله حتى مكث في سجون امن النظام السابق عدة اشهر ، وذلك لانتمائه لليسار العراقي ، ولهذا تسببت تلك الظروف الخاصة بجعله غير معروفا إلا من بعض عارفي ادبه من محبي الشعر ومن عاصره ،فانه بقي بعيدا عن الاضواء والاعلام لعدم تسخير ابداعاته الشعرية الى تمجيد النظام السابق ،والذي عانى منه الويلات والمعتقلات ، وأكتفى بذلك وبخصوصيته. حيث عاش على هامش الحياة في بيته وحيدا بعد رحيل رفيقة دربه زوجته (ام نهار ) حتى اتعبته العزلة والمرض ، ولكن حافظ على عراقيته امام اعينه وفي مخيلته وفي كل جوارحه وطنا كبيرا هو (العراق ) الذي نشا وترعرع وناضله فيه ، بقي يناجيه رغم المرض الذي خيم عليه في داره، والراحل العبيدي في مسيرته الابداعية ،انغرس في ذاته حب التجديد والبحث وذلك لتطلعه الجاد في ميدان الشعر ، فقد اكتسبته هذه المرحلة مفردات جديدة أي لهجة المدينة والخروج من التقوقع والركود الذي اصابه نتيجة استخدام القوالب التقليدية بعيدا عن المفردات اللهجة الشعبية أي( الحسجة ) ، أسوة بزملائه طارق ياسين ويعرب الزبيدي ، لقد اعطى كل ما عنده في موهبته شعرية ، بأصدق تعبير ، لقد عبر عن كل كفاح الناس وهمومه بأصدق تعبير وكان شاعرا اصيلا لشعره. حتى رحيله.