الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
طالع الرواية العراقية

بواسطة azzaman

طالع الرواية العراقية

حسن النواب

 

قد تزعج شهادتي الكثير، لكن أنْ تعلن عمَّا تستعر في صدرك من هموم وتعتلج في رأسك من أفكار نافرة ومغايرة حول واقع الرواية العراقية؛ هو السبيل الوحيد أمامي حتى لو فقدت أصدقاء وزملاء لفداحة صراحتي. أعتقدُ جازماً لولا فوز روايتي ضحكة الكوكوبار بالمركز الأول في جائزة الطيَّب صالح العالمية الدورة التاسعة، واختيار روايتي قطيفةُ المساكين في القائمة الطويلة لجائزة كتارا هذا العام؛ لما وصلتني دعوة من مجلة الأقلام للمشاركة بملف عن الرواية العراقية؛ لأنَّ الوسط الثقافي يعرفني بوصفي شاعراً وليس سارداً مع أني نشرتُ كتابي ضماد ميدان لذاكرة جريحة في مطلع التسعينيات، ثمَّ روايتي حياة باسلة في عام 2011 عن دار العين المصرية والتي رشحتها لجائزة البوكر ولم يحالفها الحظ. كأنّي الآن مثل عرَّاف يتمعَّن بخطوط راحة الرواية العراقية لقراءة طالعها؛ فأرى خط حياتها قد بدأ في عام 1928 من خلال رواية بعنوان «جلال خالد» لكاتبها محمود أحمد السيد، كانت هناك محاولات قبلها، ولكنَّ عناصر السرد كانت شبه مكتملة في هذه الرواية؛ استدركُ هنا وأقول.. يؤسفني أنَّ محاولاتي بإكمال قراءة رواية عراقية؛ تلك التي صدرتْ من الثلاثينيات حتى التسعينيات قد باءت بالفشل؛ بما في ذلك روايات فؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان ومحمد خضير وعبد الخالق الركابي وسواهم، لا استعبد أنْ تكون المثلبة في ذائقة وحساسية التلقّي عندي، وليس في نصوصهم التي تبوأتْ مكانة رصينة في متن السرد من وجهة نظر آخرين. لكني استثني رواية بعنوان هذا الجانب من المدينة للكتاب خضير عبد الأمير التي طالعتها بمتعة متناهية؛ ورواية أبو الريش للراحل عبد الستار ناصر؛ ورواية المقطورة للراحل محمد شاكر السبع؛ الذي أراهُ من أمهر الروائيين العراقيين في بناء الحبكة والتحكُّم في وقائعها، وقدرته الواضحة على اختزال الجملة السردية التي تتَّسم بالرشاقة والطرافة في غالب الأحيان. بالوقت الذي أخذني من ياقة قميصي صاغراً وطائعاً عبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا وحنا مينا ونجيب محفوظ؛ تلاها هَوسي بالروايات العالمية التي قرأتها على شعاع فانوس في ملجأٍ رطب؛ ما يشاطر عدد القنابل التي انفلقتْ فوق دبابتي في الحرب؛ ولذا كان عندي خط الحياة للرواية العراقية شاحباً إنْ لم أقلْ ميِّتاً، ولم تُسترجع الروح إلى كيانه إلاً بعد سقوط الوثن في ساحة الفردوس؛ فقرأتُ باهتمامٍ لأزهر جرجيس ولعلي بدر وسواهم؛ أما قافلة الروَّاد وما تلاهم حتى حقبة التسعينيات؛ فقد أودعتهم في قبو النسيان، ولستُ نادماً على ذلك. أمرٌ آخر لابدَّ من التنويه إليه؛ إذْ حين صدرت سرود جيل الروَّاد، كانت رفوف المكتبات لا تحتوي إلاَّ على مئات الروايات العربية في ذلك الوقت، ولذا حالفهم الحظ؛ فكان نصيبهم من الشهرة لافتاً ويتخطَّى نصوصهم المتواضعة في واقع الأمر؛ في حين يمكن للقارئ النبيه بالوقت الحاضر أنْ يرى مشقَّة وعناء ومثابرة كتَّاب السرد لإيجاد مساحة لأسمائهم وسط غابة كثيفة من الروايات والتي تدفع المئات منها دور النشر في كل شهر؛ وليكنْ الأمل بعونهم. الخط الآخر في راحة الرواية العراقية الذي طالعتهُ هو مستقبلها؛ وحين أمعنتُ النظر فيه؛ وجدتهُ يضيء بعشرات النجوم التي سيصل شعاع إبداعها السردي إلى أصقاع العالم. قبل أيام أصدرت مجلة الأقلام ملفها عن الرواية العراقية وقد كتبت لهم هذه الشهادة بناءً على دعوتهم؛ لكني طلبت منهم بعد يومين عدم نشرها في الملف لسبب شخصي؛ وحسناً فعلتْ؛ ذلك أنَّ ملف الرواية تجاهل أسماء بارزة ولامعة في حديقة السرد العراقي مثل لطفية الدليمي وفاتح عبد السلام وشوقي كريم وكامل عبد الرحيم وإبراهيم البهرزي وسواهم، وهناك من فاز بجوائز عربية مرموقة مثل وارد بدر السالم وميسلون هادي وضياء الجبيلي ونعيم عبد مهلهل وياس السعيدي؛ والغريب أنَّ مجلة الأقلام تشير إلى مفردة «المستكتبون» عن الأسماء التي وجهت لها الدعوة للمشاركة في الملف؛ وليتها كتبتها بشكل صحيح، إذْ جاءت هكذا «المتستكتبون»، ولا أدري إلى متى يبقى الوسط الثقافي يعيش على الإخوانيات والمجاملات الزائفة التي هي أخطر سلاح لتدمير الحياة الثقافية والموهبة الأدبية.

 

 

 


مشاهدات 69
الكاتب حسن النواب
أضيف 2025/11/03 - 2:24 PM
آخر تحديث 2025/11/04 - 6:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 196 الشهر 2525 الكلي 12364028
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير