فم مفتوح .. فم مغلق
الصحافة الورقية والإنتخابات البرلمانية
زيد الحلي
ظلت الصحافة العراقية، عبر تاريخها المديد، عنوانا وفيا لتسجيل الحقيقة وتوثيقا حيا لها، ولعل زيارة واحدة الى دار الكتب والوثاق، والاطلاع على الركن الصحفي فيها، الذي يضم ارشيفا ضخما من المطبوعات الصحفية، سيجد فيها سجلا تاريخيا مهما لدور الصحافة العراقية، في الصورة السياسية والاجتماعية للعديد من الحقب، والمنعطفات التي حفل بها العراق.
ومن خلال ذلك أقول، ان التوثيق هو الركيزة الحقيقية التي يعتمد عليها الباحثون في البحث عن الصدق، وذاكرة الأمة اليقظة التي لا يدركها النسيان، حيث تعتبر الصحافة حلقة وصل متينة تصل حاضر الأمة بماضيها، وشاهد حي على كل المتغيرات. ومن هذا المنظور، جاءت دعوة رئيس هيأة الإعلام والاتصالات، د. نوفل أبورغيف، لتذكرنا بأن للصحافة الورقية مكانة لا يمكن تجاوزها، ولاسيما في لحظات التحوّل السياسي والمجتمعي، ومنها الانتخابات البرلمانية المرتقبة في تشرين الثاني المقبل.
إن التأكيد على أهمية الصحف الورقية، في سياق دعم المسار الديمقراطي وتعزيز المشاركة المجتمعية، هو إشارة ذكية وواعية إلى الدور العميق الذي تؤديه الصحافة في تشكيل الرأي العام، وترسيخ الثقة بالعملية الانتخابية. فالصحيفة ليست مجرد أوراق تُطوى بعد قراءتها، بل هي وثيقة حية، شاهدة على الأحداث، ومؤرخة لما يجري في لحظة ما من عمر الوطن.
ما طرحته الهيأة، لو تم تبنيه وتفعيله بالشكل المطلوب، سيعيد الاهمية للصحافة الورقية التي تعاني اليوم من تهميش الاميين وعديمي الفهم التوثيقي في الحياة، فالصحيفة الورقية ليست متسرعة، ولا تتسابق على «الترند» كما يحصل في المنصات الرقمية، بل ان حروفها تُصاغ على مهل، وتخضع لمراحل تحرير دقيقة، ما يجعلها أكثر رسوخًا وأقرب إلى التوثيق التاريخي الرصين.
واعيد القول.. إن الصحافة الورقية، بما تملكه من أرشيف موثّق ومكتوب، تشكل الذاكرة الجماعية لشعوبها. وقد ثبت تاريخيا أن العودة إلى الحقائق الكبرى، وإلى المسارات الديمقراطية التي خاضتها الدول، تمر عبر أرشيف الصحف لا عبر منشورات «هوائية« عابرة على مواقع التواصل التي نراها اليوم! وقبيل الانتخابات، لاشك ان الدولة تحتاج إلى إعلام جاد ينهض بمهام التثقيف الانتخابي، ويرفع من مستوى وعي الناخب، ويشجع على المشاركة الواعية. وهذا ما لا يتحقق إلا بتعاون الصحف الورقية، التي آن الأوان لأن تسترد مكانتها ودورها المحوري في البناء الديمقراطي.
ان تأكيد الصديق د. ابو رغيف على اهمية الصحافة الورقية، دعوة صادقة من مؤسسة إعلامية رصينة، تستحق أن يُصغى إليها، ويُبنى عليها الكثير.
Z_alhilly@yahoo.com