الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثورة 14 تموز.. الحلم الذي إغتالته الرجعية وسرقته الطوائف

بواسطة azzaman

ثورة 14 تموز.. الحلم الذي إغتالته الرجعية وسرقته الطوائف

شوقي كريم حسن

 

في مثل هذا اليوم من عام 1958، استفاق العراقيون على زلزال حقيقي، لم يكن انفجارًا عسكريًا فقط، بل كان ولادة جديدة لوطن سحقته الإقطاعية، وامتصت روحه الملكية، وأهانت كرامته بريطانيا المحتلة. كانت ثورة 14 تموز صرخة الفقراء، وانفجار الجياع، وحلم المعدمين بوطن لا يركع، ولا يُباع في مزادات العروش.

لكن، بعد أكثر من ستة عقود، يُفاجأ العراقيون أن الحكومة التي تدّعي الديمقراطية، قامت، بقرارٍ غريب وبائس، بشطب ذكرى الثورة من قائمة الأعياد الوطنية. هذا القرار لم يكن مجرد تجاهل لتاريخ، بل محاولة منظمة لطمس الذاكرة الشعبية، ولإهانة آمال الذين حلموا بالعدالة الاجتماعية، وتحرر البلاد من التبعية والفساد.ويا للمفارقة، في حين حذفت بغداد الرسمية ذكرى الثورة من سجلاتها، أبقت حكومة إقليم كردستان على هذا اليوم عيدًا رسميًا. فهل يُعقل أن يتنكر “أهل الثورة” لثورتهم، ويتمسك بها الإقليم؟ وهل كُتب على التاريخ العراقي أن يُكتب دومًا بأقلام النفاق والجهل والخوف من الحقيقة؟

لماذا يخافون  ثورة 14 تموز ؟!!

لأنها أخرجت العراق من بيت الطاعة البريطاني. لأنها ألغت النظام الملكي العميل، وقطعت حبل السرّة مع لندن. لأنها رفعت رؤوس الفلاحين الذين كانوا يُجلدون في إقطاعيات الجنوب والوسط. لأنها أعطت للعراقي، ولأول مرة، إحساسًا بأنه مواطن لا عبد. ولأن قائدها، عبد الكريم قاسم، لم يكن خادمًا لقصر، ولا أداة بيد طائفة، ولا دمية بيد أمريكا أو إيران أو السعودية.

وطن حر

إن الرجعية العراقية، بقايا الإقطاع، وأبناء من كانوا يركعون للملك، لم يحتملوا أن يحمل الفقراء السلاح، وأن يهتفوا باسم وطن حرّ. فعملوا، منذ اليوم الأول، على تشويه الثورة، وتخوين رموزها، وإلصاق التهم الكاذبة بقائدها.

**عبد الكريم قاسم: لماذا يُرعبهم حتى وهو في قبره؟!!

لأن اسمه ما زال يعيش في وجدان الملايين. لأنه لم يسرق، لم يهرب، لم يكن طائفيًا، لم يكن طامعًا في قصر، ولم يجعل من الجيش ميليشيا لعــــــــــــائلته. لأنه فتح أبواب الجامعات لأبناء الفقراء، لأنه وزع أراضي العراق على فلاحين جياع، لا على مستثمرين ومزورين. لأنه لم يركع، ولم يساوم، ولم يخــــــــــــن.لذا، شُطب اسمه من المنـــــــــــــــاهج، وشُوه تاريخه في الإعلام، وأُلغي العيد الذي يحمل بصمته. إنها سياسة مدروســــــــــــــة، يُراد بها خلق عراق بلا ذاكرة، بلا كرامة، بلا قدوة وطنية حقيقية.

من الذي شطب الثورة؟ ولماذا الآن؟!!

منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، جرى تفكيك العراق: طائفيًا، قوميًا، عشائريًا، مناطقيًا. جرى إحراق كل ما يمتّ للوطنية العراقية بصلة. لا نُصب الجندي المجهول بقي، ولا تماثيل النهضة، ولا أسماء المدارس التي حملت أسماء ثوار 14 تموز.

شُطبت الثورة بقرار لا يصدر إلا عن عقلٍ خائف من الحقيقة، مرعوب من العدالة، ناقم على أي ذكرى توحد العراقيين خارج الطائفة والحزب.

ماذا بقي للفقراء؟!!

بعد أن شُطبت ثورتهم من الذاكرة الرسمية، وعُزلت شعاراتها من الإعلام، عاد الفقراء إلى ما هو أسوأ من أيام ما قبل الثورة. عشوائيات، بطالة، أمراض، قهر، طائفية، غلاء فاحش، ونظام سياسي لا يرى في المواطن أكثر من رقم انتخابي أو بندقية مأجورة.

ما بقي للفقراء، هو الحنين المرّ إلى أيام عبد الكريم قاسم. إلى زعيم كانت أمنيته الوحيدة أن يرى العراق حُرًا، عادلًا، مزدهرًا. ومات فقيرًا، في زيّه العسكري، ولم يُعثر له على أي حساب مصرفي في سويسرا.ثورة 14 تموز ليست صفحة في كتاب التاريخ، بل هي جرح مفتوح في ضمير الأمة. من يمحو الثورة، إنما يمحو شرف العراق. ومن يتنكر لعبد الكريم، إنما يتنكر لأشرف ما في هذا البلد.

ويبقى السؤال معلقًا، كالسيف:

هل سيأتي يوم، يعود فيه 14 تموز عيدًا لكل العراقيين؟

أم أن القبور ستظل أوفى من الحكومات؟

 

 

 


مشاهدات 52
الكاتب شوقي كريم حسن
أضيف 2025/07/14 - 4:22 PM
آخر تحديث 2025/07/15 - 1:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 57 الشهر 9059 الكلي 11162671
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير