مراكز المساج متعة زائفة وعواقب وخيمة

يحيى جاسم محمد الجبوري

تشهد بعض المدن العراقية في الآونة الأخيرة انتشاراً لافتاً لمراكز المساج، وهو أمر في ظاهره قد يبدو عادياً أو صحياً، لكنه في بعض الحالات يحمل أبعاداً مقلقة تتعلق بالصحة العامة والسلوكيات الاجتماعية، لاسيما عندما تتحول بعض هذه المراكز إلى واجهات لأنشطة غير قانونية أو غير أخلاقية مثل الدعارة أو الاستغلال الجنسي، إذ يؤدي هذا إلى نتائج خطيرة على المستوى الصحي والاجتماعي. ومن أبرز هذه النتائج هو زيادة خطر انتقال الأمراض المنقولة جنسياً، وعلى رأسها فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، خاصة في ظل غياب الرقابة الصحية الحقيقية على هذه المراكز، وافتقارها في كثير من الأحيان إلى الالتزام بالمعايير الوقائية. كما أنّ غياب التوعية الصحية لدى العاملين والزبائن يجعل هذه الأماكن بؤراً محتملة لانتقال العدوى، ما يهدد الصحة العامة في المجتمع. إلى جانب الجانب الصحي، فإنّ الأثر الأخلاقي لا يقل خطورة، إذ تُسهم هذه الظاهرة في تطبيع ممارسات غير أخلاقية تهدد القيم الأسرية والاجتماعية، وخصوصاً عندما ينكشف المراهقون لهذه الأجواء، سواء عن طريق الفضول أم بسبب الدعاية المنتشرة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فيجد الشاب نفسه منجذباً إلى تجربة مثيرة لكنها ضارة نفسياً وأخلاقياً. هذا الانجراف قد يقود إلى الإدمان الجنسي، أو التورط في علاقات غير مشروعة، أو حتى السقوط ضحية للابتزاز أو الأمراض. كذلك فإنّ تكرار التعرض لهذه الأجواء قد يؤدي إلى تبلد المشاعر أو فقدان الإحساس بالقيم، ويزرع لدى المراهقين مفاهيم مغلوطة عن الرجولة والعلاقات الإنسانية. أما على مستوى المجتمع، فإنّ انتشار هذه الظاهرة يُضعف ثقة الناس بالمؤسسات، ويزيد من معدلات الطلاق والتفكك الأسري، ويهدد السلامة الأخلاقية العامة. من هنا، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخّل الجهات المعنية عَبْرَ تفعيل الرقابة على مراكز المساج، والتأكد من ترخيصها والتزامها بالضوابط الصحية والمهنية، إلى جانب ضرورة إطلاق حملات توعوية تستهدف الشباب والمراهقين، وتشجع على القيم الأسرية والصحية السليمة، وتوضح مخاطر الانزلاق في مثل هذه الممارسات، بما يضمن حماية المجتمع وأفراده من الانحدار في مسارات خطيرة تَمِسّ الصحة والأخلاق والأمن الاجتماعي.