العمق التاريخي لإرتباط العراق بمحيطه العربي

محمد مظفر الأدهمي

تشكل بلاد وادي الرافدين المعروفة حديثأ ، باسم العراق ، امتداداً طبيعياً لشبه الجزيرة العربية حتى جبال طوروس من الشمال التي تفصله عن هضبة الاناضول المعروفة حديثا بتركيا ، وتفصله جبال زاجروس من الشرق عن بلاد فارس المعروفة حديثا بايران . ويشكل العرب اكثر من 80 بالمئة من سكانه . وبحكم هذا الواقع الجغرافي كان العراق أول بلد عربي شملته الفتوحات العربية الاسلامية ،وشهد أول نصر للعرب على الفرس الساسانيين في معركة ذي قار. وأصبحت بغداد ودمشق أول عاصمتين عالميتين للعرب المسلمين . وعندما احتل المغول بغداد انفتحت أمامهم بوابة الارض العربية بحكم ارتباط العراق وبلاد الشام جغرافياً وديموغرافياً. وفي التاريخ الحديث ساهم العراقيون بأول مؤتمر عربي عقد في باريس عام 1913 للمطالبة بحقوق العرب القومية ، وكان الضباط العراقيون العمود الفقري لجيش الثورة العربية عام 1916 الذين أقاموا حكومة عربية في دمشق تحت تاج الملك  فيصل بن الشريف حسين ، وعندما أسقط الفرنسيون هذه الحكومة توجه هؤلاء الضباط لاقامة حكومة عربية في العراق يرأسها احد انجال الشريف حسين ، وقد شجعهم في ذلك المطالب التي تقدمت بها بغداد والكاظمية والنجف وكربلاء وغيرها من مدن الفرات الاوسط ، الى السلطة البريطانية المحتله في استفتاء عام 1918/1919، بتأسيس ( حكومة عربية يرأسها أحد انجال الشريف حسين مقيداً بمجلس تشريعي). وعندما وصل الأمير فيصل الى البصرة كان معه على الباخرة قادة ثورة العشرين الذين كانوا قد التجأوا الى الشريف حسين بعد انتهاء الثورة .

وعند تأسيس الدولة العراقية الحديثة توج الامير فيصل القادم من الحجاز ملكاً على العراق بارادة شعبية عراقية استجاب لها البريطانيون المحتلون في مؤتمر القاهرة الذي عقد في آذار 1921 وحضره وفد عراقي . وهكذا اتخذ العراق مساراً وطنياً عروبياً طيلة فترة الدولة العراقية وحتى الاحتلال عام 2003 ، باستثناء فترات قصيرة جدا تمثلت بحكومة بكر صدقي عام 1936 وسيطرة الشيوعيين على الحكم عام 1959 . وعليه فان ارتباط العراق بالوطن العربي هو حالة طبيعية ومصيرية تحتمها الجغرافية والديموغرافية والتاريخ .