تجربة الملّي تسهم في بناء قاعدة فنية متميّزة: أميل نحو التجريد لتحقيق الجانب التعبيري

بابل - كاظـم بهـيّـة

يعد التشكيلي عبد الجبار الملي، من فناني الحلة، الذين تمتاز تجاربهم بالأصالة والانتقالية والتجديد والوعي الاكاديمي المؤطر بموهبة ومعرفة وثقافة فنية خاصة، محاولا توظيف بصيغ حديثة تتناسب مع الاتجاهات الفنية المعاصرة  حسبما اكده قائلا: (اميل في تنفيذ اعمالي الفنية نحو التجريد،  واختزال الاشكال باتجاه تحقيق معايير فكرية وفلسفية باتجاه فن مفاهيمي)، فانتج بذلك اعمالا مهمة تحمل افكارا وتوجهات ابداعية متميزة، وحين تساءلنا كيف بدأ مشواره في دروب الفن التشكيلي، وإلى ماذا انتهت حتى الآن؟ يجيبنا الملي (في وقت مبكر جداً من طفولتي استهواني الفن، والفن رحلة طويلة وممتعة ومنذ ذلك الوقت احسست ان علاقتي مع الفن ضرورة , وحينها بدأ مشواري مع الفن بذلك الاندفاع الذي هو مزيجا من الشغف والتعلم المستمر وكذلك التجريب في الاساليب المختلفة والتقنيات، كذلك عززت تجاربي بالقراءة عن الفن وتاريخه مضافاً لما تعلمته من دراستي في معهد الفنون الجميلة في السبعينات. ومشاركاتي منذ ذلك الوقت في اهم القاعات والمعارض المهمة داخل القطر وخارجه ، ورغم اني (بلغت من العمر عتيا) لكني لم انتهي ولا يزال المشوار في بدايته وتبقى دروب الفن هي بحث دائم).

□ ما الذي يثير الملي ويحرك مشاعره من خلال الخامات؟

-الخامات اداوت تنفيذ ولكل خامة خصوصية سواء في الالوان او السطوح، وتلعب الخامات دوراً اساسياً  في اثارة المشاعر، حيث في النهاية تؤثر على تجربتي الابداعية وتوجيه احاسيسي في المنجز الفني، ورغم ذلك فان الخامات ليست هي ادوات تنفيذ فقط بل هي ايضا تعتبر وسيلة تعبير وتحمل مشاعر خاصة، حيث انها مرتبطة بالحالة العاطفية والنفسية، حيث في النهاية تجعل العمل تجربة حسيه متكاملة.

تجربة فنية

□ ماهي اكثر المواضيع التي تتحدث بها رسوماتك، وما المادة التي تفضل الرسم عليها ولماذا؟

-ان اكثر المواضيع التي رسمتها هي الاقرب الى نفسي والتي اتواصل فيها لترصيد تجربتي الفنية الاسلوبية، والتي احاول ان تكون لي بصمة من خلالها، هي التعبير البصري والتجريدي العمرانيّ التراثي للعمارة الشعبية والتي دائما سحرتني حينما يكون تنفيذها بصيغ جمالية في اسلوب اشتغالها، اما افضل المواد للرسم هي الالوان الزيتية او الاكرلك من النوع الممتاز والكانفاس من النوع الجيد، وبعض المواد التي تساعد على تحقيق ملمس وتضاريس على سطح اللوحة.

□ اتجه المشهد التشكيلي الحديث نحو التجريد، فهل أنت مع هذا التوجه؟

-نعم اميل في تنفيذ اعمالي الفنية نحو التجريد لان في ذلك استطيع تحقيق الجانب التعبيري واختزال الاشكال باتجاه تحقيق معايير فكرية وفلسفية باتجاه فن مفاهيمي.

□ من يرسم اللوحة، هي التي ترسم نفسها، أم موهبة الرسام؟

-ليست اللوحة هي التي ترسم نفسها، بل انا من يرسمها كوني انا الفنان والرسام اما الموهبة هي التي تلعب دوراً اساسياً في تشكيل قدراتي وما ينتج عنها من ابداع، حيث ان الموهبة بالفطرة ومن خلال اكتساب المهارات والمثابرة والتدريب والممارسة والخبرة ،وبالتالي فان الفن هو مزيج بين الموهبة والعمل الجاد بتحقيق المنجز التشكيلي.

□ من خلال هذه التجربة الطويلة هل تمكنت من تكوين قاعدة فنية تميزك عن غيرك؟

-لقد ساهمت تجربتي الفنية الطويلة في بناء قاعدة فنية مميزة، وذلك من خلال زيادة الخبرات وتطوير المهارات واكتشاف قدرات جديدة وفهم اعمق للعناصر الجمالية والتقنيات المختلفة، ومن كل ذلك تحققت لدي الهوية الاسلوبية ووضع بصمة في عملي الفني التي ميزتني عن الاخرين في صياغتي الاسلوبية في بناء العمل الفني.

□ ما سبب عزوف الناس عن معارض الفن التشكيليّ؟

-هناك عوامل عديده كان لها الاثر الكبير سلباً في عزوف الناس، منها ضعف الوعي والثقافة لدى الناس، وعدم فهمهم للعمل الفني، والمنافسة مع وسائل الترفيه الرقمي والتكنلوجيا، هناك بعض المعارض تقليدية خالية من التجارب الجديدة الملفتة  والجاذبة للناس، اهتمام بعض المؤسسات ذات العلاقة باللوحة واستحواذ بعض الافراد والجهات في المبيعات للأعمال الفنية محصورة على اسماء معينه مما عزف الفنان عن الرسم.

□ هل تجد ان النقد الفني التشكيلي استطاع الدخول الى عمق التجربة الفنان العراقي؟

-لقد نجح النقد التشكيلي بعمق في تجربة الفنان العراقي ،رغم مواجهته تحديات كبيرة، في تحقيق قراءة شاملة للمشهد التشكيلي، ورغم ذلك استطاع النقد في تسليط الضوء على كشف الهوية البصرية للفنان العراقي، الذي تأثر بتراثه البيئي والحضاري والديني وبالوقت ذاته تفاعل مع الحداثة والتجريبية وما الى ذلك مع المعاصرة.