الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نعم انا كئيب

بواسطة azzaman

نعم انا كئيب

عبد المحسن الوائلي

 

ماذا اقول، وما عساني أن أفعل أنا مرهق منذ زمن ودعني أشرح لك قليلاً، ان الشخص المنهك عاطفياً من جراء شهور كاملة مرت عليه في حالة خوف وصراع قد يصبح قليل الاهتمام بما يحيط به، او انه قد يشعر بإحساس جسدي قوي جداً من الاكتئاب اليائس، احساس ثقل في اعلى معدته، ويقال ان المعدة هي العضو الاكثر تأثراً في الجسم، انها تبكي حين تمرض الاعضاء الأخرى، ولاشك انها نقطة الاكتئاب المركزية.

يعتبر الاكتئاب احد اسوأ مراحل الانهيار العصبي، لأنه يحرم المريض من اي أمل في الشـــــــــفاء، بيد أني اؤكد لكم أن الشفاء ممكن مهما كان الانهيار عميقاً.

أن الانشغال هو العلاج الأساسي لحالة الاكتئاب، على المريض الخروج من سريره خلال النهار بأي ثمن، وعليه أن ينشغل بصحبة اشخاص آخرين، ينبغي ان يضع المريض برنامجاً منظماً يملأ عليه ايامه واسابيعه، وهذا يتطلب معاونة الاسرة ودعمها له، من الضروري أن تلتفت أفكار المريض الى اهتمامات خارجية حتى لا يكون احساسه بالزمن بطيئا، وهكذا يصبح الضغط عليه اقل فتخف كآبته.عادة ما تبقى معنوياتنا مرتفعة من جراء تجارب يومية صغيرة ومفرحة لا ندرك وجودها باستمرار، مثل تأمل جمال زهرة صغيرة، اما المصاب بانهيار عصبي فأنه قد ينظر الى حديثة ملأى بالأزهار فيحدق بها ولا يراها، ان انغماسه بذاته يحول دون قدرته على الملاحظة ويمنع عنه الاحساس بالفرح.

أن الكثير من هذه التجارب الصغيرة والمفرحة بانتظاركم لتساهم في رفع معنوياتكم، ان المستقبل ليس بالسواد الذي تظنون وانتم لا تحتاجون الى الكثير من السعادة لتشعروا بفرحة الحياة مجدداً، أن الاشياء الصغيرة المفرحة كافية متى استطعتم رؤيتها، ان الشخص المكتئب الذي لا يمتلك مصدرا داخليا للفرح يعتمد بالكامل تقريبا على بيئته المحيطة به لمساعدته، ومن الافضل له ان يجلس في مقهى مزدحم على ان يأكل وحيداً في منزله، ان الاضواء البراقة والتنوع يساعدان على ابقاء الاهتمام حياً ويرفعان المعنويات الهابطة.

ويجب على المكتئب ان يتذكر ان ما يصيبه من الم ناجم عن مجرد فكرة فقط، انه اسير فكرة سوداء تسيطر عليه فلم لا يحاول ان يفكر بفكرة مريحة بدل ان يسترسل في الافكار المخيفة، ان الاعتراف بأن جزءاً كبيراً من الانهيار العصبي ناجم عن تراكم أفكار مخيفة ثم ترك هذه الأفكار تخترقنا لتروح في سبيلها هي الخطوات الاولى للخروج من الانهيار العصبي.

حين يكون الناس في حالة نفسية جيدة يتمكنون من العيش بمفردهم لأنهم يمتلكون الطاقة والاهتمام الكافيين للمشاركة في الحياة من حولهم، بيد أن المنهار عصبياً لا يستطيع العيش بمفرده، فهذه تجربة مأساوية بالنسبة له، فالاكتئاب موجود في داخله وليس في الخارج وعليه ان يختلط بالعالم حتى يتمكن من الخروج من ذاته.

الاكتئاب مجرد مرض، مثله مثل الانفلونزا، وهو أيضاً قابل للشفاء متى سمحنا لطبيعتنا الجيدة بأن تشفي ذاتها، بيد ان الاكتئاب يدخل صاحبه في حلقة مفرغة، ان ذكرى الآم البارحة تجعل من الصعب البدء بيوم جديد، وباستطاعة أي كان الخروج من هذه الحلقة حينما يقول: «حسنا، لقد كان أمس يوما سيئا، قد لا يكون اليوم يوما جدياً أيضا، ولكن الأمور ستتحسن مع مرور الأيام».

حين تتمكنون من الايمان بهذه المقولة سترون الشفاء على مسافة خطوتين منكم. وأظنه مرض وهمي يستطيع من بليّ به أن يتخلص منه ولكن بالتغيير والتغيير مكلف ومكلف جداً.. وندعو الله مخلصين فالدعاء دواء..

 

 

 


مشاهدات 232
الكاتب عبد المحسن الوائلي
أضيف 2025/02/03 - 12:22 AM
آخر تحديث 2025/04/19 - 9:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 225 الشهر 20151 الكلي 10900798
الوقت الآن
الأحد 2025/4/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير