في الدعاية السياسية
عدنان سمير دهيرب
تُعد الدعاية السياسية للاحزاب و المرشحين في الانتخابات أحد أهم الوسائل للتأثير على الناخبين في النظم الديمقراطية بهدف الإستمالة و الإقناع و تغيير الاتجاهات مع وجود تنافس كبير بين أكثر من 250 حزب و حركة سياسية , و ستة الاف مرشح لانتخابات مجالس المحافظات المزمع إقامتها في شهر كانون الاول .
إذ تقوم الدعاية على نشر الصور و إقامة الولائم , دون ذكر حاجات السكان و سبل معالجتها . فالمرشح يتكئ على مسندين : الاول هو زعيم الحزب الذي ترفع صورته الى جانب صورة المرشح كدعاية رمزية , و أشارة للانتماء و الترويج في وسائل التواصل الاجتماعي و أعمدة الكهرباء و الساحات العامة و تقاطعات الشوارع , باستخدام وسيلة التكرار لسهولتها في الدعاية , و تسهم في حفظها في الذاكرة , غير أن كثرة الصورة للمرشحين يفقدها ميزة الجاذبية و الحفظ و نشر الصور مجرد أشارة اوالية ليست مؤثرة لاقناع جمهور يبحث عن معالجة للمشكلات التي يعاني منها .
اتصال جماهيري
فالدعاية لا تهدف الى الاقناع الذي يتوجب إقامته على الاتصال باتجاهين من خلال الحوار و الاتصال الوجاهي فحسب , و إنما الى تغيير الاتجاهات . لأن وسائل الاتصال الجماهيري لا تتيح الفرصة لجميع المرشحين من ناحية , و لا تسنح لأغلب الناخبين إمكانية التعرض و الاستماع لما يسعى اليه المرشح من ناحيه أخرى . و يرى المفكر غي دورندان أن الدعاية تهدف الى توليد التصرفات . وذلك بتغيير الادراكات و الأحكام التقييمية .
و المسند الثاني الذي يتكئ عليه المرشح هو الروابط القرابية و الانتماءات العشائرية التي تشكل رأسماله الأبرز في الدعاية و هي الغالبة في المجتمع العراقي , لاسيما أن معظم المرشحين من بيئة ريفية تقوم على العصبية و التجمعات في المضايف و إقامة الولائم لأفراد العشيرة او القرية و المنطقة .
أن هذه الوسيلة الدعائية تخلق ناخباً مطواعاً فاقداً لحرية القرار و الفردية التي تعزز الشخصية ما يفضي الى الذوبان في قرارات الجماعة التي تبنى على العواطف و العلاقات القرابية و التساند في دعم المرشح للحصول على السلطة . و هذا الأمر ينعكس على الواقع الذي يعاني من معاضل و تحديات لا يسعى الفائز الى معالجتها , لأن الناخب لم يفكر بمساءلته , لغياب برنامجه عند الترشح في الانتخابات التي غدت آلية شكلية لم تسهم في عملية التغيير و الاصلاح .
و إنما تبديل الوجوه و الأسماء وفق نظام إنتخابي يقوم على حفظ سلطة الاحزاب التي صاغت قوانين اللعبة الانتخابية و تماهت مع خزانها البشري في الريف . إضافة الى دينامية سطوة زعماء الأحزاب على الفائزين في كل إنتخابات حصلت بعد تغيير النظام السياسي . ما أدى الى عزوف الجمهور المديني الذي يشكل نسبة 70بالمئة في العراق , و إرتفاع نسبة الوعي لديه و شعورهم باللاجدوى من المشاركة ، لعدم إهتمام الأحزاب المتنفذة بإشباع حاجات الناس .
و بذلك فقدت أهم مبادئ الديمقراطية التي تتمثل بالحكم بالرضا و حكم الأكثرية وفق جون لوك . فضلاُ عن إتهام مجالس المحافظات خلال الدورات السابقة بالفساد و المحسوبية ، وكان أحد مطالب حراك تشرين بازاحتها من المشهد السياسي . لذلك فأن الانتخابات أصبحت مجرد آلية سطحية و سباق للحصول على رواتب مليونيه و صناعة أدوات لخدمة زعماء الاحزاب في نظام ديمقراطي معلب .