ثنائية الكثرة والقلة
حسين الصدر
-1-
ليست العبرة بالكمّ فقد يؤلف الكاتب كتابا يشتمل على مئات الصفحات ولكنها ليست الاّ « تسويداً « للصحائف ( البيض ) تخلو من الإبداع ، وليس لها من ميزة ملفتة للنظر .
وقد يكتب آخر صفحة واحدة ، ولكنها تشتمل على الكثير الكثير من البلاغة والروعة والحكمة ولا تقارن من حيث الاهمية بذلك الكتاب الضخم .
فالمدار على الابداع والإمتاع وليس على الكثرة والقلة .
-2-
وعلى الكاتب الفطن ، والشاعر النبيه أنْ يضع هذه الحقيقة نصب عينيه فلا يُطنب في نثرٍ أو شعرٍ مع خلوهما من الومضات المحببة للنفوس .
-3-
واستعرض كاتب السطور ذات مرة مع الراحل علي الخاقاني ديوان احدهم – وكان به بثلاثه اجزاء واتفقا على انه لا يساوي ثمن الورق الذي طبع ..!!
كان خالياً من كل ما يمكن ان يجذبنا اليه من سحر وروعة ، وكان الأجدر بصاحبه أنْ يعرفَ نفسَه وأنْ يجنبها سهامَ النقدِ المُوجعِ طبقا للقول المأثور :
( رحم الله امرءً جَبَّ الغِيبة عن نفسه )
-4-
ومن أحسن الأمثلة على أنَّ القليل المشتمل على الإبداع خيرٌ من الكثير الخالي منه البيتان اللذان رثى بهما الصاحب بن عبّاد – كثير بن أحمد الوزير :
يقولون قد أَوْدَى ( كثيرُ بن احمدٍ )
وذلك رزءٌ في الأنامِ جليلُ
فقلتُ : دَعُوني والعُلى نَبْكِه مَعَاً
فَمِثُلُ ( كثيرٍ ) في الأنامِ ( قليلُ )
أرأيتَ كيفَ انتزع من اسم الوزير الراحل ( كثير ) ما وظفّه لاسباغ الثناء عليه، والمديح والاشادة بمناقبه فوّفق ايما توفيق ؟
انّ هذين البيتين يفوقان يقينا قصيدة طويلة ليست الاّ رصفاً للألفاظ وتكديسا للحروف كالجسد الخالي من الروح .
Husseinalsadr2011@yahoo.com