حينما انتصر بارق على صدام بصمتهِ
ثامر مراد
التاريخ يخلد الابطال وان كان رصاص الاعدام قد مزق اجسادهم وازهق ارواحهم بناءاً على رغبة – القائد الضرورة – قائد متغطرس مزق البلد وجعل الحزن يسكن عوائل كثيرة لا بل جعل العراق يئن من اقصاه الى اقصاه بسبب نزعاته الشاذة وحججه الواهية لأقناع الشعب بأنه حامي الحمى ومنقذ الديار – . حينما كنت في الخدمة العسكرية في زمن الحرب التي كان العراق يخوضها مع الدولة الجارة – ايران – كنتُ اسمع بين الحين والاخر ان – بارق – ضابط القوات الخاصة قد حقق انتصارات في مواقع كثيرة وصارت شهرته على مستوى كل الجيش العراقي. حصد الكثير من انواط الشجاعة وحصل على لقب – بطل القادسية – ومع هذا وذاك لم تشفع له تلك الانواط ولا تلك الانتصارات التي حققها يوما ما في مناطق مختلفة من مناطق القتال . بعد الانهزام الشهير من الكويت واندحار الجيش العراقي شر اندحار بواسطة جيوش العالم وانتشرت جثث العراقيين على طول الطريق من الكويت الى البصرة . على حين غرة وقف عدد من القادة امام صدام في يوم رمضاني مقدس حيث لحقت بهم اتهامات متعددة مختلفة كلها تصب في عدم القتال بصورة مشرفة او ان احدهم كان قد تكلم ضد – القائد الضرورة – في مكانٍ ما وراحت الاقلام تكتب ضدهم بطريقة استخباراتية حقيرة كانت احدى تلك التهم قد لحقت بالقائد الشجاع – بارق – حينما وقف امام صدام نظر اليه الاخير بغضب وسأله بعض الاسئلة لكن بارق ظل صامتا دون ان يتفوه بحرف واحد وكرر عليه صدام – جاوب بارق – بَيْدَ ان بارق ظل واقفا بشموخ – يحتقر صدام بصمته وكأنه يريد ان يقول له بصمت – من انت لكي توجه لي تلك الاسئلة؟ انت لاتساوي عندي جناح بعوضة – ان صح التشبيه – " بصق صدام على العسكري البطل وقال " لعنة الله على الشوارب" . ادى بارق التحية العسكرية بطريقة مثالية وتراجع الى الوراء ليجلس قرب قائد آخر – لا نريد ان نذكر الاسماء الاخرى لأنها معروفة للجميع من خلال برنامج معروف – همس القائد الاخر في اذن بارق " لماذا جعلت صدام غاضب ؟ ولماذا لم تجبه ؟ " رد عليه بارق بهدوء " ومن يكون هذا ..فليفعل مايريد " . بعد ساعات كان بارق جثة هامدة مع عدد من القادة الابطال. راجعتُ تلك الاحداث من خلال ذلك البرنامج عدة مرات ...وفي كل مرة اشاهدها واسمعها اشعر بنار تكاد تُحرق قلبي وغضب على صدام بحجم السموات والارض لأنه ارتكب اكبر خطأ في التاريخ ولم يهتم لتلك الانواط التي كانت معلقة على صدر بارق. كان صدام قد قال مرة " ان من يحصل على ثلاثة انواط يكون صديقا للرئيس وستحميه تلك الانواط ان حُكِمَ عليه بالاعدام يوما ما " وكانت تلك الكلمات مهزلة تاريخية تُضاف الى المهازل الكثيرة التي اوقعنا فيها صدام. ماذا لو كان قد وضعه في السجن فقط لمدة عشر سنوات او اكثر ومنح له حياته من جديد يوما ما ..سؤال كبير لازال يدور في ذهني منذ ان ضاع العراق بسبب حرب كنا نسميها – حرب الخليج . قرأت ُ يوما ما في مكانٍ ما عبارة جميلة تقول " اذا اردت ان تعرف من هو الاحمق فأمنحه المال والسلطة ..فاذا تصرف بطريقة طائشة بعيدة عن المنطق فاعرف انه احمق...." وكان المال وكانت السطة في يد صدام يوما ما ولم يحاول ان ينقذ العراق من حروب كثيرة ولم يحافظ على ارواح الملايين من ابناء العراق...اذاً هو – حكيم – عفوا اقصد انه احمق.