الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
انتقاد جو ويلسون لتصريح رئيس مجلس القضاء: دفاع عن حيادية القضاء أم تدخل سياسي ؟

بواسطة azzaman

انتقاد جو ويلسون لتصريح رئيس مجلس القضاء: دفاع عن حيادية القضاء أم تدخل سياسي ؟

مجيد الكفائي

 

لم يمرّ تصريح رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، الذي عبّر فيه عن شكره للفصائل المسلحة على استجابتها لدعوات نزع السلاح وحصره بيد الدولة، مرور الكرام، بل سرعان ما تحوّل إلى مادة للجدل السياسي خارج الحدود العراقية. 

وكان أبرز المنتقدين السناتور الأمريكي جو ويلسون، الذي شنّ هجومًا مباشرًا على التصريح، معتبرًا أنه يثير شكوكًا حول حيادية القضاء العراقي واستقلاله.

ويلسون لم يكتفِ بالتعبير عن ( قلق ) عام، بل ذهب إلى حد اعتبار أن توجيه الشكر من أعلى سلطة قضائية لفصائل مسلحة يُفترض أن تكون خاضعة للقانون، يشكّل خرقًا واضحًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ويوحي بعلاقة غير مبررة بين القضاء وتلك الفصائل. 

كما ألمح إلى أن هذا التصريح قد لا ينسجم مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء، في اتهام يحمل أبعادًا سياسية تتجاوز مجرد النقد القانوني.

ويأتي هذا الموقف في سياق رؤية أمريكية أوسع للملف العراقي، تتسم بالضغط المستمر تحت عناوين (سيادة القانون) و(استقلال المؤسسات) ، وغالبًا ما تُستخدم هذه العناوين كأدوات سياسية للتأثير في مسار الدولة العراقية، خصوصًا في ظل التعقيدات الأمنية والتوازنات الداخلية الحساسة.

في المقابل، يرى كثير من العراقيين أن تصريح رئيس مجلس القضاء فُسِّر خارج سياقه، وأنه لا يعدو كونه دعمًا لأي خطوة تسهم في تهدئة الأوضاع الأمنية وتعزيز سلطة الدولة، دون أن يعني ذلك انحيازًا للفصائل المسلحة أو إخراجها من إطار المساءلة القانونية. 

فالإشادة بالاستجابة لدعوات حصر السلاح بيد الدولة لا تلغي مبدأ خضوع الجميع للقانون، ولا تنتقص من دور القضاء الرقابي.

غير أن الانتقاد الأمريكي، بحسب شريحة واسعة من العراقيين، لا يمكن عزله عن كونه رسالة سياسية مباشرة وتدخلاً في الشأن الداخلي، لا سيما أنه يستهدف أعلى سلطة قضائية في البلاد.

ويؤكد هؤلاء أن تقييم أداء القضاء العراقي وتصريحات مسؤوليه يجب أن يبقى شأنًا سياديًا، يُناقش داخل العراق ووفق آلياته الدستورية، لا عبر تصريحات لمسؤولين أجانب يسعون إلى فرض قراءات سياسية على مؤسسات دولة مستقلة.

ويرى منتقدو ويلسون أن حديثه عن (استقلال القضاء) يتناقض مع مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وأن توجيه الاتهامات الضمنية لرئيس مجلس القضاء لا يخدم العدالة بقدر ما يعكس رغبة في الضغط السياسي والتأثير على التوازنات الداخلية العراقية.

ومع ذلك، فإن الجدل الذي أُثير يسلّط الضوء على حساسية موقع القضاء، ويفرض على قياداته استخدام لغة دقيقة ومدروسة، تفاديًا لأي تأويل قد يُستغل سياسيًا، سواء في الداخل أو الخارج.

وفي المحصلة، فإن انتقاد جو ويلسون لا يبدو مقتصرًا على الدفاع عن حيادية القضاء، بقدر ما يكشف عن بين من يرفع شعار استقلال المؤسسات، ومن يرى في تلك الشعارات غطاءً لتدخلات سياسية تمس السيادة العراقية. وبين هذا وذاك، يبقى استقلال القضاء وحماية الدولة من الضغوط الخارجية ركيزتين لا غنى عنهما لبناء دولة القانون والمؤسسات.

 


مشاهدات 82
الكاتب مجيد الكفائي
أضيف 2025/12/30 - 3:34 PM
آخر تحديث 2025/12/31 - 11:58 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 379 الشهر 23317 الكلي 13007222
الوقت الآن
الأربعاء 2025/12/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير