نهاية عام وبداية أمل.. العراق يراجع المسار ويرسم الآفاق
عبد الامير المحمداوي
يطوي العراق عاماً وهو عند مفترق طرق حاسم، حصيلة من التطورات الإيجابية وفرص التطور لا تخلو من التحديات، والسعي المتواصل لترسيخ الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
شهد البلد خلال هذا العام استمرار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار السياسي، والحفاظ على سير عمل المؤسسات الدستورية والنجاح في تنظيم الانتخابات النيابية بمشاركة واسعة واشادة دولية، رغم ما يحيط بالعملية السياسية من تعقيدات داخلية وضغوط إقليمية ودولية، عززت الحاجة الى تطوير آليات الحوار الوطني، وتغليب منطق الحوار والشراكة، باعتبارها العنصر الأساس لمعالجة الخلافات وتحقيق إصلاحات سياسية تلبي تطلعات المواطنين.
امنياً، واصل العراق جهوده في تثبيت الأمن ومنع عودة الإرهاب، مستنداً إلى الاجماع الوطني على ان الامن خط احمر، وان تضحيات القوات الأمنية بمختلف صنوفها لا يمكن التفريط بها بأي ثمن، ورغم انحسار التهديدات الإرهابية مقارنة بالسنوات الماضية، فإن خطر الخلايا النائمة، والتحديات المرتبطة بأمن الحدود تتطلب اليقظة الدائمة.
اقتصادياً، شهد البلد استقرارا نسبياً ومحاولات لتعزيز الصناعة النفطية وتنويع مصادر الدخل وتحسين الإدارة المالية وتعزيز مشاريع البنى التحتية، رغم التحديات الماثلة حول البطالة وضرورة مواصلة دعم القطاع الخاص والمشاريع الشبابية الصغيرة، والتي تتطلب تشريعات وإصلاحات أعمق في قطاعات الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والصحة والتعليم تحقق التنمية الاقتصادية المستدامة وتنعكس على حياة المواطنين بشكل ملموس.
في السياسة الخارجية، واصل العراق انتهاج سياسة خارجية تقوم على بناء علاقات متوازنة ترتكز على المصالح الوطنية العليا، وتعزيز علاقاته مع محيطه العربي والإقليمي والمجتمع الدولي، ويعزز دوره كجسر للحوار لا ساحة للصراع، ونجح في استضافة العديد من المؤتمرات والقمم العربية والإقليمية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
ويثبت العراق مرة أخرى أنه بلد يمتلك مقومات النهوض، ورغم حجم التحديات، فالإرادة الوطنية إذا ما اقترنت برؤية واضحة، قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص، وصناعة مستقبل يليق بتضحيات العراقيين وتطلعاتهم.
يتطلع العراقيون في العام المقبل إلى مرحلة أكثر رسوخاً في الاستقرار وأسرع في وتيرة الإصلاح، وأكثر عدالة في توزيع الفرص والخدمات، وهذه ستكون في صلب مهام الحكومة ومجلس النواب الجديدين والتي يجب عليهما تعزيز قدرة الدولة ومؤسساتها على مكافحة الفساد بجدية، وترسيخ سيادة القانون وتطوير الاقتصاد وتجسير الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم.
وكل عام والعراق وشعبه بخير.