ملح الأرض ونسغ الحياة
ايناس البدران
لعل التغيير هو الشيء الوحيد الذي لا يتغير في الحياة , ندرك متاخرا انه ليس خيارا بل نتاج حتمي لتجاذبات وتقاطعات ليس لنا يد فيها في الغالب , انه فقط يحدث , قد نشعر به او لا نشعر الا اننا نستجيب له بكل الاحوال سلبا او ايجابا, وترانا كالسائر في نومه نودع عاما بسرعة تبدو كهنيهة بلا وداع لنستقبل آخر بلا حماس متشبثين بخبوط الامل الذي ما اضيق العيش لولا فسحته ونستبشر خيرا . في احد دور المسنين قيل انه كانت هنالك عجوز عانس عرف عنها الهدوء والصمت لكنها كانت تخرج عن صمتها بين الحين والاخر لتقول لمن حولها جملة واحدة وكأنها تذكرت امرا جلل :لقد سرقت ! وحين تسأل عما سرق منها تردد كلمة واحدة : عمري . من منا لم ينتابه هذا الشعور ولو مرة في حياته . ان احلى واغلى سنين العمر ضاعت وتسربت من بين يديه كما يتسرب الماء من بين الاصابع ويتحسر على ايام التهمتها نيران الحروب والحصارات والفوضى اللاخلاقة . واخرى ذابت وتلاشت في تيزاب الروتين وبرك الاهمال الصمغية , لكن جريان الايام لا يتوقف ولا ينتظر احدا قد يتلكا الزمن عند البعض في لحظة بعينها وهو راكد في مكانه بانتظار غودو او بعد تجربة مريرة او لحظة فراق مشؤومة تفضي الى خيبة امل من نوع ما لتتحول الاحلام الى ورود بلاستيكية مغروزة في اصيص رمل . وقد يكف البعض الاخر بعد عددة خيبات عن محاولات الارتقاء و الصعود على سطح حياة باهت املس او هكذا يراه. لاشك ان حياتنا مجموعة خيارات لاهداف تلوح لنا من بعيد كقوس قزح ولا اقول كسراب متجاوزين بها حقول الغام لاحصر لها ابتداء من وعود كاذبة و لوائح جامدة وروتينات قاتلة ومواقف رجراجة لصداقات هشة ووجوه كالحة لكثرة مااستهلكت من اقنعة وقوانين تجرك الى مجاهل الجاهلية الاولى او تفرغ اناء مواردك المتواضعة رسوما وغرامات لتتركه انظف من صحن الميلامين بعد غسله بالزاهي التقليد. ويبقى اهل الارادة والهمم رغم كل المثبطات والمحبطات التي يصنعها (البعض) يبقون في الصدارة يجترحون المعجزة يرسمون الامل بسمة ويحلمون لغيرهم بلا رياء او ادعاء وبلا اضواء اعلام لانهم ملح الارض ونسخ الحياة وصفوة اجتباء الرب. كل عام وهم وانتم الامل الاخضر اليانع البهي .