كلام أبيض
وفازت الحلوة الأمورة
جليل وادي
هنئوني رجاء، لقد فازت الحلوة الأمورة التي حسدني عليها صاحبي بقوله ان الكثير من المرشحين في مناطقنا غير معروفين، والمعروفون منهم لا طعم لهم ولا لون ولا رائحة، على أقل تقدير لديكم حلوة وأمورة، لكن الذي لا يدري به صاحبي ان الحلوة الأمورة لا تختلف عن جماعته بشيء، فلا تفهم من السياسة الا السطحي، ولا تجيد كتابة عريضة كما يدبجها (العرضحالجي) أمام دوائرنا، وغير قادرة على الحديث أمام الجمهور بما يتناسب مع نائب يفترض به أن يعبر عن فهم عميق للواقع، ورؤية واضحة للمستقبل، وتحديد السبل الملائمة لدخول آمن لهذا المستقبل. الحلوة الأمورة التي أصبحت (ترندا) على مواقع التواصل بابتسامتها الخلابة التي قهرت بها العشرات من المرشحين الذين خسروا الانتخابات، والذين اختفوا بلمح البصر عن هذه المواقع بعد اعلان النتائج مباشرة، حتى لم يشكروا الناخبين القلائل الذين صوتوا لحسابهم، قد يكون ضغط الدم العالي هو العائق بحسب تعبير سياسي تمكن وبشكل مدهش وقبل موعد الانتخابات من تحديد عدد المقاعد البرلمانية التي سيحصل عليها حزبه. ومع ان الحلوة الأمورة التي تفوقت على جميع النساء وبعضهن يحظين بمتابعة الآلاف على مواقع التواصل، لم تحتفل كما احتفل فائزون آخرون بطريقة بدائية لا تختلف عن أي مناسبة اجتماعية عادية، اذ سادتها (الهوسات) العشائرية ورقص (الجوبي) يعلوهما الطلق الناري، وحمل سيادة النائب على الأكتاف كما يرفع اللاعبون مدربهم عند الفوز.
لا أكتمكم سرا أضحكني فوز الحلوة الأمورة، وكيف لا يضحك من لديه حلوة وأمورة، ولكني أستغرب كيف فازت، نعم انها ملأت الشوارع والمجسرات والجزرات الوسطية بصورها التي لم تتكرم علينا فيها بابتسامة حتى ولو على شاكلة الموناليزا، وكأنها تختزن قهقهاتها للحظة اعلان فوزها الرسمي، كما ان حملتها على المواقع لم تكن مميزة عن غيرها، بل وضاعت أخبارها عني خلال الأسبوعين السابقين للانتخابات، أين كانت تعمل، وما الذي تحدثت به الى جمهورها، وما الأساليب التي استخدمتها، كل ذلك لم يعرفه الكثير من المتابعين (لفزعة) الانتخابات كما وصفها الحلبوسي الذي يستحق أن ندرس حالته التي تفوق بها على سياسيين شيوخ يصفون أنفسهم بالأكثر دراية من غيرهم بدهاليز السياسة ودواخل الجماهير. الحلوة الأمورة كانت واثقة من فوزها، كيف، لا أدري ؟، الذي أعرفه انها ثرية، فهل رشت الناخبين وحلفتهم بأغلظ الأيمان، ام اشترت بطاقات الناخبين، وماذا يفعل المرشحون بالبطاقات والأجهزة الالكترونية لا يفلت منها الطير الطائر كما تؤكد مفوضية الانتخابات ؟، ويقودني شراء البطاقات والأصوات والحملات التي أُنفقت عليها مئات الملايين حتى وصلت الى المليارات كما سمعنا، يقودني للحديث عن المال السياسي، ألا تلاحظون ان الفائزين اليوم هم أنفسهم الذين فازوا سابقا، وان غالبيتهم من الأثرياء، والسؤال الذي لا يحتاج الى اجابة هو : من أين يعوض النواب خساراتهم المالية؟.
ان نظرة بسيطة لما أفرزته الانتخابات من نتائج تقول للراغبين بالترشح مستقبلا : لكي تفوز عليك أن تنضوي تحت ابط ثري او عباءة حزب، واذا رغبت بالاستقلالية فعليك أن تعرف بأن حظك من الفوز صفرا، وهذا ما جعل المجلس الجديد صورة مستنسخة للمجلس السابق مع تعديلات طفيفة، مع ان بقاء الوجوه والأحزاب نفسها، يعني لا رؤية جديدة لواقع البلاد ومستقبلها، ولا تغيير سيتحقق، وأرجو أن لا نفهم التغيير على انه تغيير لنظامنا السياسي، بل تحقيق الرفاهية للناس بتوفير الخدمات الأساسية، والنأي بالبلاد عن النيران المشتعلة، واعادة الوزن الاقليمي والدولي للبلاد، واصلاح الخلل في العملية السياسية، فما مضى من زمن طويل جدا، ولم يُحرك أحد ساكنا للاصلاح، لذا لابد من وقفة لتأمل الخلل واصلاحه اذا أردنا دواما لنظامنا الديمقراطي. وأجزم ان اصلاح الخلل لا يتحقق من خلال البرلمان الذي تجيّر فيه الأحزاب كل شيء لصالح بقائها في السلطة، بخاصة ان جميع الأعضاء مستسلمون لرؤساء الأحزاب، وكيف لا تسلم الحلوة الأمورة زمام الأمر لرئيسها المتفضل بفوزها، فالحلوة الأمورة يكفيها الانشغال باختيار ملابسها ومكياجها. لذا دعو القانونيين والأكاديميين السياسيين يصلحون ما أفسده الراغبون بالامارة، وبعكسه فلن نجني من الديمقراطية سوى النظر بحسرة للحلوة الأمورة.
jwhj1963@yahoo.com