المحامي في الدراما العراقية
وليد عبد الحسين
لا أعدو الصواب إن قلت إن الدراما العراقية، سواء من خلال المسلسلات أو المسرحيات، في الفترة الأخيرة أصبحت مدعاة للسخرية من أدائها قبل أن تسخر هي من غيرها. أما عن مسألة لماذا الفن العراقي عاجز عن إنتاج الأفلام كنظيره العربي، ولا سيما المصري، فهذا ما لم أجد له سببًا لحد الآن. المهم، هذا ليس موضوعنا، وإنما أخذت في الفترة الأخيرة، وبسبب خواء إنتاج الفن العراقي الحالي، العودة عبر اليوتيوب لما أنتج سابقًا، سواء قبل عام 2003 أو حتى بعدها بقليل، كأمطار النار والدهانة وقنبر علي، أو مسلسل حب في القرية أو مسلسل حكاية جامعية وغيرها، وشاهدتها كاملة عبر أيام من خلال حلقاتها المنشورة في اليوتيوب، وأخذت أشاهد هذه الأيام مسلسل أنتج عام 1996 بعنوان هستيريا، والذي تدور أحداثه عن حادثة زواج الشاب الفقير سجاد من ابنة الأثرياء غسق دون علم أهلها، ومن ثم ترتيب قضية خطف من قبل ذويها ضد الزوج، وشراء جميع الشرطة وموظفي المحكمة والشهود والمأذون الشرعي، وهذا لا يهمني الآن، ما يهمني هو شخصية محام ذوي الزوجة المسمى أبو الديك الذي قام بأداء دوره الممثل المحترم مقداد عبد الرضا، فقد مثّل المحامي بصورة مسيئة جدًا وبعيدة جدًا عن واقع كثير من المحامين العراقيين الذين لا يقلون عن نظرائهم في الوطن العربي من حيث الكاريزما والمظهر والثقافة والدور الاجتماعي والثقافي، خاصة وأن نقل هكذا صورة مسيئة عن المحامي العراقي له آثاره السلبية عند مشاهدة المسلسل خارج العراق، بينما شاهدت تمثيل دور المحامي في المسلسلات والأفلام المصرية مثلًا بصورة تعكس قوة شخصية المحامي وثقافته ومظهره، وإن شُخِّصَت سلوكيات البعض منهم المخالفة، غير أنها لم تُمْعِن بالإساءة إلى مظهر وكلام المحامي، والكارثة الأدهى أن للدراما تأثير في ثقافة الناس، فيستحضر كثير من الناس صورة المحامي أبو الديك وأمثاله في الدراما العراقية عند اختلاطهم بالمحامين في الواقع، وسيأخذ صورة مسبقة عنهم نتيجة هذه الإساءات السينمائية، لذا أتمنى أن تعود السينما العراقية إلى سابق عهدها في سبعينيات القرن الماضي وما بعدها بقليل، وأتمنى أن تغادر الإساءة لشرائح المجتمع بحجة وجود هكذا عنصر فيها، فلا بد من التوازن في نقل الصورة، لأن المسلسل التلفزيوني ليس حدثًا آنيًا ولا عملًا عابرًا، بل هو تاريخ وأثر خالد، فينبغي الاعتناء بكل تفاصيله، فالمحامي العراقي، أكرر، يمتلك الإبداع والموقف والظهور الشامخ والدور الكبير، فلا تظلموا الكل بجريرة بعض الأجزاء الطارئة.