الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التعليم بالتدرج تعالوا نسمع أنين المناهج

بواسطة azzaman

التعليم بالتدرج تعالوا نسمع أنين المناهج

عامر محسن الغريري

 

ما تبقَّى من أَيَّامِ العُطْلَةِ الصَّيْفِيَّةِ ليس بالوقتِ القَصير، ولكنَّه وقتٌ ثمينٌ إنْ أُحْسِنَ استثماره.فمَديريَّاتُ التَّربيةِ، وهي تتهيَّأُ لاستقبالِ عامٍ دراسيٍّ جديد، مدعوَّةٌ إلى انتهازِ هذه الفُرصةِ الذَّهبيَّةِ لسدِّ النَّقصِ في المَوادِّ، وتَرْمِيمِ المَباني، وتَجْهِيزِ المختبراتِ، وتَوْفِيرِ المقاعدِ والوسائلِ التَّعليميَّةِ، وقبلَ كلِّ شيءٍ: تَوْزِيعُ المَناهِجِ الجَديدةِ الخاصَّةِ بالعَامِ الدِّراسيِّ 2025 – 2026.لكنَّ ذلك كلَّه لا يَكْفي وحدَه؛ فالمَناهِجُ نَفْسُها بحاجةٍ إلى إعادةِ نَظَرٍ جادَّة.

فلا يزالُ العديدُ من الطَّلبةِ، وأيضًا المُدَرِّسينَ، يُعانُونَ من صُعوبَةِ بَعْضِ المَوادِّ، الَّتي لا تتناسبُ مع أعمارِ التَّلاميذِ ولا مع مَدارِكِهم العقليَّةِ، ممَّا يُحَوِّلُ الدِّراسةَ إلى عِبءٍ ثَقيلٍ، ويُفْقِدُ الطُّلابَ حُبَّ المدرسةِ، ويَجعلُ ذِكْرَ المَناهِجِ مَصدرًا للنَّفورِ والانزعاجِ.

ولعلَّ أبرزَ الأمثلةِ على ذلك: مادَّةُ الرِّياضيَّاتِ لِلصَّفِّ الثَّالِثِ المُتوسِّطِ، الَّتي يُوصَفُ محتواها بالتَّعقيدِ والغُمُوض، وكذلك مادَّةُ الاجتماعِيَّاتِ لِلصَّفِّ السَّادِسِ الابتدائيِّ، الَّتي تتناولُ جميعَ المحافظاتِ الثَّمانيَ عشرةَ، مع تفصيلاتٍ مُرهِقةٍ حولَ المَوْقِعِ، والمُناخِ، والمَواردِ المائيَّةِ، والمعالمِ العمرانيَّةِ، والآثارِ التَّاريخيَّةِ.

فهل يُرادُ من التَّلميذِ أن يحفظَ، أم أن يَفْهَم؟!

وهل نُريدُ أن نَبني عُقُولًا تُحِبُّ التَّعَلُّمَ، أم نَحمِلَهم على الحِفْظِ الببَّغائيِّ ثمّ النسيان؟!

لقد آنَ الأوانُ لأَنْ نُعيدَ النَّظرَ في تلكَ المَناهِجِ، لا بإلغائِها، بل بإعادةِ صِياغَتِها وَفْقَ مبدأ التَّدَرُّجِ في التَّعليمِ، الَّذي نادى به الفيلسوفُ العربيُّ ابنُ خَلدون، حيثُ يُؤكِّدُ أنَّ العِلمَ يُؤخَذُ شيئًا فشيئًا، وبأسلوبٍ يُناسِبُ عقلَ الطَّالبِ ومراحِلَ نُمُوِّه.

التَّبسيطُ لا يعني التَّفاهَةَ، بل هو مهارةُ توصيلِ المعلومةِ بلُغةٍ قريبةٍ من الطَّالبِ، تُثيرُ اهتمامَه، وتُحفِّزُه على المَعرفةِ، لا أن تُرْهِقَه وتُرْهِبَه.

ومن هنا، فإنَّ إشراكَ المعلِّمينَ والمُشرفينَ التَّربويِّينَ في عمليَّةِ تطويرِ المَناهِجِ أصبحَ ضرورةً لا خيارًا، فهم الأدرى بالحاجةِ الفعليَّةِ في داخلِ الصفِّ، والأقربُ إلى نبضِ الطَّالبِ ومُعاناتِه.

إنَّ العُطْلةَ الصَّيفيَّةَ ليستْ فسحةً للفراغِ، بل هي فُرصةٌ لإصلاحِ الخَلَلِ، وتجديدِ الأملِ، وتَمهيدِ طريقٍ أيسرَ وأذكى لعامٍ دراسيٍّ ناجح، يبدأُ من العقلِ لا الورقِ، ومن المَنهجِ لا الجدران.

 

 

 


مشاهدات 89
الكاتب عامر محسن الغريري
أضيف 2025/08/09 - 1:11 AM
آخر تحديث 2025/08/10 - 12:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 466 الشهر 7182 الكلي 11402268
الوقت الآن
الأحد 2025/8/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير