لا بدّ من حل لأزمة السكن

علي إبراهـيم الدليمي

تتفاقم أزمة السكن في العراق، يوما بعد أخر ملقية بظلالها الثقيلة على آلاف العائلات التي تجد نفسها بلا مأوى أو تحت رحمة إيجارات باهظة تتجاوز قدرتها على الدفع.

إن مصير هذه العائلات بات محفوفا بالمخاطر، حيث يهددها التشرد والفقر والحرمان من أبسط حقوقها الإنسانية.

وقد تتعدد أسباب الأزمة وتداعياتها، التي أدت بالتالي إلى هذا المصير، لعل أبرزها: الوضع الاقتصادي المتردي، حيث تسببت سنوات الحروب والاضطرابات في تدهور البنية التحتية وتوقف عجلة التنمية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتدني مستويات الدخل للفرد العراقي.

غياب التخطيط العمراني، وعدم مواكبة خطط الإسكان الحكومية الزيادة السكانية المطردة، مما أدى إلى نقص حاد في الوحدات السكنية المتاحة، والتجاوز على الأراضي الزراعية. وسبب ارتفاع أسعار الأراضي والمواد الإنشائية، أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف البناء، مما جعل امتلاك منزل حلما بعيد المنال للغالبية العظمى من العائلات.

إن تداعيات هذه الأزمة لا تقتصر على الجانب المادي فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب الاجتماعية والنفسية.. كالتشرد واللجوء إلى العشوائيات، التي تشوه البلد، ما تضطر العديد من العائلات إلى العيش في مناطق عشوائية تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية، وكثرة المشاكل الاجتماعية.

ويؤدي الضغط النفسي والمادي الناتج عن البحث عن سكن مناسب إلى تفكك الروابط الأسرية وزيادة حالات الطلاق. وتحرم ظروف السكن غير اللائقة الأطفال من حقهم في التعليم والرعاية الصحية، مما يهدد مستقبلهم.

إن حل هذه الأزمة يتطلب تضافر الجهود من مختلف الأطراف، الحكومية وغير الحكومية. على الحكومة أن تضع استراتيجية واضحة وطويلة الأمد لمعالجة هذه القضية، كبناء وحدات سكنية (عامودية أو أفقية)، بأسعار معقولة، يجب على الحكومة الاستثمار في مشاريع إسكانية كبيرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين. ودعم قروض الإسكان، وتوفير قروض ميسرة وبفائدة منخفضة لمساعدة العائلات على امتلاك منازلها. تنظيم سوق الإيجار، وضع قوانين صارمة للحد من جشع الملاك وضمان حقوق المستأجرين. إن مصير العائلات العراقية بدون سكن ليس مجرد قضية اقتصادية، بل هو قضية إنسانية تتطلب اهتماما عاجلا وتخطيطا مستقبليا حكيما لضمان حق كل مواطن في العيش بكرامة وأمان.