العِراق، الاسمُ الذي لا يُهان
شوقي كريم حسن
إهداء: إلى من تجرأ وشتم وطني… إلى من قال “أشخّ على أبو العراق:
——————
أنت لا تعرف العراق.
ولا الماء، ولا الجمر، ولا المعنى.
العِراقُ…
ليس حفنةَ ترابٍ على قارعةِ السياسة،
ولا صناديقَ اقتراعٍ تصرخُ فيها الألسنُ الفاسدة.
العراقُ ليس أنت، ولا ما قلت.
العراقُ…
ذلك الاسمُ الذي يصحو مع الشمسِ في البصرة،
وينامُ في حضنِ الفرات،
ويحرسُهُ جنديٌّ فقيرٌ،
يرى اللهَ في ترابِ الوطنِ ويبتسم.
العراقُ…
طفلٌ يبيعُ الوردَ عند الإشارة،
وشاعرٌ يحملُ جُرحه في حقيبة،
وأمٌّ تخيطُ بالدمعِ قميصَ الغائبين.
العراقُ…
رئةُ الشعر، ومغارةُ النار، ومهدُ الطين،
ذاك الذي علَّم البشريةَ كيف يُدوَّنُ الحرف،
وكيف يُعبدُ الطريقُ بين الدم والنبوة.
هل قلتَ إنكَ تبول عليه؟
بل هو الذي تبصقُك الريحُ لأجله،
فلا اسمك يبقى، ولا ظلَّك،
إنما العراقُ…
يبقى كما هو:
كوفانٌ تكتبُ، أورٌ تنامُ على دفءِ الرؤى،
ونخلةٌ تحفظُ للريحِ وصايا الراحلين.
العراقُ…
ليس كلمةً تُهان،
بل صرخةٌ لا تَسْكُت،
ونارٌ لا تموت،
ورجالٌ، إن جاعوا،
أكلوا الصبرَ وزرعوا الحروفَ على قبورهم.
العراقُ…
الاسمُ الذي لا تنطقهُ إلا بوضوء،
ولا تلعنهُ إلا إذا كنتَ بلا وطن.
العِراقُ…
هو أمٌّ لا تملك إلا الله،
تُطعم أبناءها من صحنٍ واحد،
وتقتسم الحزنَ على عدد الغياب.
تغسلُ الوجوه بالماء المُرّ،
وتقول: «خليها على الله»،
وكلّ ما عندها لله…
والله وحده عندها كلّ شيء.
تحيةٌ…
إلى عُمّالِ المساطر،
إلى من ينتظرون الخبز لا الراتب،
يستندون إلى جدار الوقت،
ويأكلون تعبَهم مع الشاي بلا سُكّر،
ولا يطلبون من الوطنِ إلا أن يتركهم أحياء.
تحيةٌ…
لسكان العشوائيات،
من يسرقون من الليلِ دفءَ قصة،
ويحلمون بسقفٍ لا يسقط،
وحذاءٍ للطفل،
ونافذةٍ لا تطلُّ على اليأس.
تحيةٌ…
للمرضى المنسيّين،
الذين لا يعرفون طريق المستشفى،
ولا لغةَ الدواء،
لكنهم يعرفون اسمَ العراق،
ويضعونه وسادةً على صدورهم إذا اشتدَّ الألم.
هؤلاء هم الوطن،
وطنٌ لا يُكتب على الورق،
بل يُحفر في أجساد التعبانين.