الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الزمان والمكان والتعبئة البيئية

بواسطة azzaman

الزمان والمكان والتعبئة البيئية

أحمد الأمين الجنابي

 

عزيزي القارئ لِنَتَخَيل أنا وأنت وأحتاجُ مِنكَ إصغاءً لِما سَتتَخيل وعَصفاً ذهنياً مع التفكير والتحليل والاستنتاج، تخيل نفسك في عام 1950 مثلاً وأنت مُرتدياً ملابس تلك الحقبة وفي طريقك الى مقر العمل مُستقلاً حافلة للنقل العام وللأسف فإن السائق فجأة فقد السيطرة على الحافلة لتنقلب بكم على حافة الطريق وعلى اثر هذا الحادث نُقلت الى اقرب مستشفى وشخصك الاطباء على انك داخل غيبوبة طويلة الأمد مُتأثِراً بإصابات بَليغة في الرأس. مرت السنين إلى ان وصلت الى هذه اللحظة التي تقرأ بها هذا المقال وانت الان قد أفقت من الغيبوبة وتريد العودة الى المنزل لكن الغريب احضروا لك ملابس جعلتك مُستغرباً وربما ضاحِكاً على الهيئة التي نظرت بها على نفسك امام المرآة وانت ترتديها فطلبت منهم ان يحضروا لك الملابس التي احضروك بها الى المستشفى وقمت بارتدائها ونظرت الى المرآة وانت مُطمئن البال ولكنك ترى علامات الاستغراب وتسمع اصوات الضحكات الخافته من الموجودين!

 

لتَشعُر بأن هُنالك خطب ما وإن كُل شيء تقريباً قَد تَغير والمُعتاد لَك اصبَح غريب لهم والمُعتاد لَهم اصبَح غريب عَليك في كُل شَيء ( الذوق،الطعام،وسائل النقل،الملابس،الاماكن….الخ) حتى المَنطق والمعقول قَد تَغير فليس من المعقول بالنسبة لك هاتف محمول بحجم كف اليد فيه ما لذ وطاب من الخدمات وتقرأ بهِ مَقال دون الجريدة! ، اخرج من عالم الخيال عزيزي القارئ فَل نُحلل ونَستنتج. هنالك قاعدة أسميتها قاعدة التَعبئة البيئية وهذه القاعدة تصف مجموعة الناس الذين يعيشون في ذات الزمان والمكان حيث إن افكارهم واطباعهم ورغباتهم واهدافهم متقاربة نسبياً لان البيئة التي يعيشون فيها قد اعتادت عليهم واعتادوا عليها دون التفكير خارج الصندوق إلا ما نَدر والمنطق عندهم واحد لا جدال فيه ومن خلال ذلك يتم تربيتهم وتعبئتهم من قبل البيئة المُحيطة ليعتادوا على الموجود حتى وإن كان خاطِئا لكنهم اعتادوا! وهذه هي مُشكلة البشرية عامة والمُسلمين خاصة، تحديدا مع التطور الهائل الذي يشهده العالم فيقارن أكثرهم الموجود اليوم بالاحكام والقوانين الالهيه المُنزله على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قبل الاف السنين لكي يقولوا بإنها احكام قديمة .

 

لا تُناسب هذا الزمان والمكان الذي نَعيش فيه ويُلقي اللوم على التعاليم ذاتها دون الالتفات إلى ان التعاليم صحيحة مئة بالمئة لكن المجتمع تجاهلها وعاش في غَيبوبة عنها على مر السنين حتى أصبح غير مُعتاد عليها واصبحت غريبة جيلاً بَعد جيل( كالمجتمع الذي لم يعتاد على الهيئة التي كُنت بها وأنت امام المرآة بملابس الحادث)، الإستنتاج: (الاذواق،المنطق،الواقعيات،القوانين،الثوابت،المبادئ،العادات،التقاليد،التصرفات) بالنسبة للبشرية هي اشياء نسبية الوجود أي انها تختلف من زمان لأخر ومن مكان لأخر دون وجود مرجع ثابت وهنا هي الحكمة والدليل على وجود الإله لان البشرية على نمط النسبية ستبقى تائهة مُتغيرة المبادئ فتحتاج إلى مرجع ثابت يُحدد الصح والخطأ والمنطق وغير المنطق واللائق وغير اللائق ألا وهو المرجع الإلهي الا وهو الاسلام فهو مرجع ثابت ذو مساحة كبيرة في إمكانية التأقلم والتطور ولكن بحدود لأنك في الاسلام بحالتيك أمام المرآة فأنت على صواب لكن بالنسبة للناس والمُجتمع فالصواب هو ما اعتادوا عليه ، لذلك يجب على كُل إنسان التفكر في أمور الحياة خارج صندوق البيئة المُحيطة وعدم الأعتماد على التعبئة البيئية في بناء وصقل شخصيتة واذواقه وافكاره. إذا أردت أن تفهم شيء ما لابُد أن تتخيل وتُقارن وتُحلل لتَدخُل الى عالم الفهم العميق ولا تعتمد فقط على الامور الظاهرية والقرارات السطحية خصوصاً وأنت مُسلم فالاسلام دين الفهم والتفكر. بسم الله الرحمن الرحيم («كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ») صدق الله العظيم

 


مشاهدات 169
الكاتب أحمد الأمين الجنابي
أضيف 2025/06/28 - 2:52 PM
آخر تحديث 2025/07/01 - 6:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 496 الشهر 496 الكلي 11154108
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير