ما يجري الحديث عنه في انّ الحكومة العراقية الجديدة تواجه اختبار تطبيق البرنامج المعلن لها في الأيام المئة الأولى من عملها، هو نوع من التقليد الاعمى للديمقراطيات العريقة في العالم، من دون ان يكون له أي استناد واقعي في العراق واقعا وظروفا واشخاصا تحت عجلة العملية السياسية المتدحرجة. سمعنا عن الأيام المئة في الحكومات الخمس السابقة، من دون ان يكون لذلك معنى دلالي في الواقع السياسي والخدمي. ذلك انّ وجود فترة اختبارية لبرنامج الحكومة تحدد بمئة يوم، يجب ان يقابله استيعاب البرلمان لمهماته المتقدمة في العمق عبر لجان فاعلة وليست شكلية ومصالحية وخاملة، من اجل مواجهة الفترة الاختبارية ومساءلة الحكومة بشأنها من خلال تفاصيل تكون قد وصلت اليها اللجان البرلمانية المتخصصة في سباق مع الزمن بما يزيد ويتفوق على سرعة الأيام المئة المقصودة، وان تكون قد قارنتها بالواقع والإمكانات والنوع والكم، ومن ثمّ تجري الحسابات بما يتوازن بين الحقل والبيدر.
امّا اطلاق المصطلحات والصيغ التي لا يحمل البرلمانيون او التنفيذيون الثقافة الخاصة بأدبياتها واجراءاتها كما كان يحدث في التجارب السابقة المريرة والمضحكة معاً فإنَّ هذا يعني تسويفاً وتنميطاً لقوالب جاهزة مشتقة من تكرار انشائيات العملية السياسية المتآكلة.
الجهد الحكومي في المنجز لا يقاس من خلال فترة زمنية تبدأ من مباشرة الوزراء الدوام في مكاتبهم اول مرة، وانما تقاس بمجمل قدرة الجهاز التنفيذي للدولة العراقية على مواكبة ما اعلن في البرنامج أمام البرلمان، أي انّ الوزارة تعمل بما ينهض بعمل اكثر من ثلثي العراق المتمثل بمجالس المحافظات والهيئات المرتبطة بها، والتي سبق ان سمعنا حججاً ساذجة وقاصرة من وزراء ورؤساء حكومات بما يوحي بالتنصل عن المسؤوليات الكبيرة بحجة ظروف وصلاحيات مجالس المحافظات، وكان ذلك بوابة كبرى لإفشال أي برنامج معلن، كما انه بوابة للفساد عبر ضعف المتابعة من الوزارة ومجلس النواب لمجريات إدارة الدولة في المدن الأخرى خارج بغداد.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية