مكافحة الفساد وإلغاء العقود التي فيها شبهات فساد في إبرامها
محمد السامرائي
غالبا مايتم الفساد باساليب قانونية يترتب عليها خسارة خزينة الدولة لمبالغ عاليه جدا وخصوصا في ابرام عقود تجارية للتجهيز او للخدمات يتم فيها وضع شروط تعسفية تضر بالمصلحة العامة وتضر بمصلحة الجهة الحكومية المتعاقدة وعادة ترتكب جريمة الفساد هذه نتيجة تواطئ الموظف المسؤول مع المتعاقد التاجر او المقاول مفابل منفعة مادة او معنوية او تحت تاثير ضغوطات او تهديدات او يكون وضع الشروط الحزائية المجحفة نتيجة جهل مدقع من قبل المسوولين القانونين فيوافق رئيس الدائرة او الوزير بحسب الصلاحيات القانونية على تلك الشروط المجحفة والمضرة بالمال العام او نتيجة خلل في القانون او التعليمات.
وبعد اكتشاف هذا النوع من الفساد المضر بالمصلحة العامة وثبوت الحريمة يعاقب الموظف او المدير او المسوول او الوزير عقوبة بسيطة جدا عن اهمال او تجاوز صلاحيات بعقوبة جنحية حدها الاعلى خمس سنوات .
خزينة بغداد
او يثبت وجود القصد الجرمي فتكون جريمة جناية عقوبها تصل الى سبع سنوات. لكن قد تكون خسارة خزينة الدولة بملايين الدولارات عن فساد مقنن؟ فالعقد صحيح وفق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين . وهذا ماينادي او يحتج به اصحاب المعنى اللفظي والسطحي لتطبيق القانون
اما التصرف المنطقي فيكون بتدخل القضاء بتعديل الشرط الحزائي بناءا على المصلحة العامة بطلب من الادعاء العام او الممثل القانوني هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى مهمة جدا ونحن ننادي بها وكانت جزء من ابحاث كتبناها ومنها مولفنا (وسائل القانون الدولي لمكافحة جرائم الفساد ).. وهي تطبيق مبدا مابني على باطل فهو باطل ومابني على فساد الجزء يفسد الكل. ونقصد هنا ان من العدالة ان يقرر القضاء فسخ او ابطال العقد المبني على جريمة فساد ابتداء.
وهذا الموضوع قد تمت معالجته بعد نقاشات طويلة ومهمة في نص خاص في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003والتي ( تقضي بالزام الدول ان تعمل وفق قانونها الداخلي على ابطال العقود الحكومية المبنية على الفساد كجزاء قانوني على جرائم الفساد التي تصر بالمال العام. )
وحيث ان العراق قد انظم رسمياً الى اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد منذ عام 2007 فهذا الامر يحتم اصدار تشريع قانوني يلزم وزارات الدولة او بعطيها الحق من خلال القضاء بابطال اي عقد او امتياز او شرط مجــــحف ثبت ان اساس ابرامه كان بناء على جريمة فساد .
وهذا يعتبر حل جذري ومنطقي للحفاظ على المال العام بالنسبة للعقود المبرمة من جهة وعامل ردع مستقبلي على من يتطاول على سرقة المال العام باساليب قانونية او استغلال ثغرات قانونية او خلل في القانون او نقص فيه. وهنا نوجه دعوة الى المشرع العراقي للاسراع في اصدار هذا التشريع المهم حفاظا على المال العام.من خلال منح حق الطعن للوزارات والادعاء العام وهيئة النزاهة بطلب فسخ العقود او ابطالها او الغاء امتياز معين مبني على فساد لمنع هدر المال العام ويكون ذلك باثر رجعي على العقود التي مازالت مستمرة التنفيذ والعقود المستقبلية.
{ خبير قانوني