أحضان هي دواء
رمضان محمد محمود
الحضن هو ذلك المكان الضيق في مساحته المادية ؛
ولكنه أكثر الأماكن اتساعا في مساحته الروحية والعاطفية ...
هو ذلك الغذاء الذي لا يرى بالعين المجردة
الذي يحتوي على كل فيتامينات الود وحب الحياة ؛
بل ومن الممكن أنه يمتلك ان يعيدها إذا فقدت بسبب عبث بعض البشر الذين لا يجيدون الحب
...هو الذي يطبع الأمل والطمأنينة بين الطرفين .
إن الحضن لا يختلف في جوهره في كل أنواعه فمثلا : حضن الام ، حضن صديق مخلص ، حضن عاشق ، حضن صاحب معروف .. فكله يبعث الأمل وينثر بذور القبول في الوجود بالدنيا التي ربما فقدت لأي سبب من الأسباب....
... عن نفسي هناك أحضان لم ولن أنساها.... تلك الأحضان التي تأتي معها بدموع لذيذة ..... هي أحضان ليست لعاشقات ..وإنما أحضان كانت لأمي التي عانت في مرضها أشد معاناه ..التي كنت واقفا أمامها عاجزا عن تخفيف الأمل في ذلك الوقت...
حضن أبي .... أبدا لم ولن أنساه ؛ عندما كانت هناك مشاجرة بين الجيران ..فوقع أبي أرضا وأسرعت بأصطحابه إلى مكان نومه ولأخرج حتى أتحارب مع أصحاب المشكلة ..فإذ بأبي يقذفني في حضنه، ويقسم ويتوسل علي بأن لا أخرج ويكثر من الحمد آنذاك بأنه لا يمتلك القوة في رد الأساءة - كم كنت عظيما يا أبي بكظم غيظك
ففي ذلك الوقت شعرت بأن حضنه هو الملاذ والدواء من شرور البشر ...
لا أنسى أبدا الاحضان الدافئة التي فزت بها من رفقائي وأقاربي وجيراني عند عقد زواج أبنتي الكبرى في مسجد القرية ..فكانت هذه الاحضان مولودة في مكان طاهر هو بيت الرحمن وأدواتها رفقاء رحماء ..
والحضن الغالي الذي لا يقدر بثمن هو حضن أسباطي الذي يرويني من عطش تقلبات الدهر ويقذف الرحمة في قلبي
الذي يعيد تعليمي دروس الوفاء لأبي وأمي .....
أما أحضان العشق ..فليس لي سبيل أن أتحدث عنها في ذلك الوقت لأن الحديث عنها لا يناسب مجتمعي الذي أعيش به الذي لباسه الحياء والغيرة ..