شبح الإغتيالات
عبد المنعم الاعسم
الاغتيالات وسيلة قديمة استخدمها الخصوم لتصفية منافسيهم، وفي الكثير من صفحات التاريخ نقرأ تعقيبات على حواث اغتيال كما لو انها «وسيلة مشروعة» في الصراع على كرسي الحكم، اذْ يلجأ لها الجميع ضد الجميع. وطوال اكثر من مائة عام دخلت الاغتيالات اعتبرت الاغتيات لأي غرض محرمة وذلك قبل ان يمارسها السفاح نتنياهو وقواته الغازية ضاربا بعرض الحائط كل المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحرم هذه الممارسات.
في هذا الملف، ومن بداية سطوره، كان قابيل قد خرج من كهفه، قبل مائة الف عام، وانتحى جانباً وبيده صخرة ليفج بها رأس أخيه هابيل الذي مر في ذلك الوقت من أمامه، ويقتله في الحال، ثم، بعد ذلك ابتليت الخليقة في سلسلة من المكائد والاغتيالات فسال دم كثير، وحُزّت رقاب، وقُتلت أنفس، وسُمم واغتيل وذُبح دعاة ومصلحون وساسة وزعماء وقادة جيوش ومغامرون، في أجواء مُغبرة وملبدة بالريب والأحقاد فيما عوقب مارة وعابرو سبيل ومشتبه بهم بجريرة غيرهم، جناة أو ضحايا أو شهود، لكن الكثير من تلك الأحداث تركت آثاراً وجروحاً وخراباً وفتن: اغتيال غاندي. اغتيال الملك عبدالله. اغتيال السادات.
وثمة الكثير منها أصبح مضرباً للأمثال، أو عنواناً لإثارة عورات الماضي، كما حدث في نهاية حياة راسبوتين الذي دخل في مجلدات من الادب الروسي القديم والمعاصر معا، وما حدث لكليب وجساس في قصة داحس والغبراء التي اشتعلت على خلفية مقتل ناقة سائبة.
كما لا تزال حوادث موت مثيرة حسبت في عداد المكائد وجرائم الاغتيال، وما جرى للأسقف بيكيت الذي اغتاله هنري الثامن ملك انكلترا، وكيف مات أبو الطيب المتنبي في الصحراء، أو موت ملك العراق غازي أو سقوط طائرة الأمين العام للامم المتحدة داغ همرشولد، أو مقتل الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف وموت الرئيس المصري جمال عبدالناصر، والغريب ان بعضها ضُمّ الى ملفات التاريخ كألغاز، منها استمرار البحث في خفايا اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي ثم اغتيال قاتله أوزوالد، والبحث حتى الآن حول جمجمة توت عنخ آمون لمعرفة أسباب الكسر في مؤخرتها ما إذا كان وراؤه حدث عابر أم جريمة اغتيال بالساطور.
عمركم طويل ايها الساسة.. لكن ماذا ينفع دعائي لكم، وعلى ابوابكم طوابير ممن يدعون عليكم؟.