فاتح عبد السلام
دائما، يتحدث السياسيون المغادرون لمناصبهم بكلام هو أقرب من أي شيء آخر الى الامنيات التي ربّما كانت حبيسة في صدورهم ولم يستطيعوا الاقتراب منها عندما كانوا في مناصبهم. ورأينا رؤساء للولايات المتحدة ومنهم جيمي كارتر وجورج بوش الأب ورؤساء حكومات غربية سابقين، كيف أصبحت لهم صفحة جديدة من الآراء والمكاشفات عند التقاعد تختلف كلياً عن مسار تاريخهم السياسي والوظيفي الطويل.
حضرت صور أولئك بأسمائهم وعناوينهم أمامي وأنا أطالع اليوم في صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، أن وزراء دفاع سابقين ورئيس وزراء أسبق وجميعهم من حزب المحافظين في بريطانيا حثوا رئيس الوزراء البريطاني المنتمي لحزب العمال كير ستارمر، على السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى داخل الأراضي الروسية حتى بدون دعم الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنّ المناشدة جاءت من خمسة وزراء دفاع سابقين من حزب المحافظين، هم جرانت شابس، وبن والاس، وجافين ويليامسون، وبيني موردونت وليام فوكس، فضلاً عن رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون.
هذه الدعوة جاءت بعد ان اتفق ستارمر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على تأجيل منح موافقة لاوكرانيا لاستخدام السلاح الذي تحذر روسيا بشدة منه، وتتوعد بردود، تتوسطها دائماً عبارة “نعيد النظر في عقيدة روسيا النووية لأسباب تخص تهديدات ضد الوجود والأمن في داخل الأراضي الروسية.
الكلام عن قواعد السلاح النووي أو مناوراته أو تناقل خططه باتت من الاحاديث اليومية في الشهور الأخيرة من عمر الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وإزاء ذلك تكون المسؤولية مشتركة لجميع العمالقة النوويين الكبار في التعاطي الحذر مع أي خروج لهذه الحرب عن الخطوط الحمراء المحيطة بها، ولعل أنجع وسيلة هو فتح صفحة جديدة من تداول الخيار السلمي بشكل يحفظ حقوق الجميع. بالرغم من انه لا توجد اية اتفاقية سلام بعد انتهاء الحروب والنزاعات المسلحة ترضي بالكامل الطرفين، لكن الأولوية تكون عادة لوقف الحرب ثم التفاهم على الصفحات اللاحقة عبر المفاوضات.
السياسيون المتقاعدون هم أفراد لهم أمنيات ورغبات شخصية في النهاية، وانّ المصالح العليا للدول والتوافقات الدولية الكبرى لها قوانينها غير» الشخصية» حتماً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية