فاتح عبد السلام
القتال بالأسلحة المتوسطة والخفيفة بين عشيرتين في جنوب العراق، ليس هو الأول ولن يكون الأخير، لكن التطور اللافت انّ قيادات الأجهزة الأمنية باتوا يسقطون قتلى وسط تلك النيران، فقد قتل العميد رئيس مكافحة الإرهاب في الناصرية، في إشارة واضحة الى المستوى الهائل الذي بلغته أمواج النيران التي تزداد يوما بعد آخر إثرَ رسوخ ظاهرة السلاح السائب في المجتمع وما يتصل بها من تجاوز على الامن والمواطن والقانون.
الصراع السياسي على المناصب والنفوذ وما يفضي اليه من مكاسب مالية على حساب الدولة والمواطنين، هو العنوان الأكبر لهذا النزاع الدموي ولسواه، لاسيما في جنوب العراق. أمّا التفاصيل فلا فائدة من ذكرها، ولعلها تزيد اشتعال النيران في هذا التوقيت.
ماذا يمكن أن نتوقع عبر سنوات متراكمة من انتشار بيع المناصب او تسخيرها لخدمة السياسي وحزبه وجماعته وطائفته ومحيطه العائلي؟
احصدوا ما زرعتم، حصاد الدم، والفوضى، والتخلف، والفساد، ولا تلوموا الا أنفسكم، أنتم الذين تركتم الظواهر السلبية تنمو من اجل تمضية مصالحكم السياسية والانتخابية والشخصية حتى خرجت الأوضاع عن السيطرة.
بيان وزارة الداخلية، للمرة الأولى يشير الى انّ هذه الاعمال المنكرة هي إرهاب للمواطنين، وهذا توصيف حال متأخر جدا، لكن ينبغي عدم الاستسلام لهذه الظاهرة الدموية في المجتمع، وهي لغة السلاح بديلا للغة التفاهم الاجتماعي والعلاقات العشائرية والإجراءات القانونية.
اليوم قتال بين عشيرتين، ماذا لو تحوّل القتال الى تحالف عشائري ضد عشيرة واحدة أو تحالف عشائري مقابل، وهذا أمر ليس بعيد الوقوع ابداً. في أي عالم يعيش العراق اليوم؟ وكيف يمكن النظر الى حالته من الخارج قبل الداخل؟ وكيف يمكن أن ينمو الأطفال في هذه الأجواء؟ وعلى أية ثقافة يجري تعليمهم وتوجيههم؟
الرحمة والتغاضي والتورط والتساهل والتهادن مع الإرهاب جريمة كبرى ليس لها من رادع سوى العقاب العادل لحماية الجيل والمجتمع وسمعة البلاد المتضررة حتى العظم.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية