الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فجر الحكمة لا يعرف الغروب

بواسطة azzaman

فجر الحكمة لا يعرف الغروب

محمد غاني

 

في صباي صاحبت حكيما سمعت منه ان سجود القلب ليس بعده رفع من السجود لانه خضوع ابدي لقهرية  الواحد الاحد، التي يعيشها كل عبد اضطرارا، و انما الصلوات و سائر الشعائر انما هي في المقصد تدريب لتحقيق ذلكم الشعور بالتسليم الذي هو عين مغزى تسمية الدين بالاسلام.. الاسلام ان تسلم ارادتك في إرادة المولى عز وجل و ترضى بقضائه و قدره تسليما لا منازعة قلبية فيه، فتكون في حضرته عز وجل كالميت بين يدي غاسله. آنذاك فقط كما يرى جلال الدين الرومي يهب المولى عز وجل روحك جناحين لانك تخليت عن حصان الجسد فتزداد سرعة سيرك الروحي و تتطور حاسة تذوقك للمعاني العرفانية.

اسلام ارادتك في ارادته لا يعني التواكل البتة، بل يعني معرفة السباح لمجرى الرياح و سيره في اتجاهه حتى لا يتعب ان اتجه في مجرى معاكس، فإن الريح موالية لمن يعرف اتجاهه، و البحر يسخر لمن يعرف انه جزء من موجته.

لا شك ان بناء سفينة نوحك ايها الانسان وسط طوفان الغفلات تبنى بخشب تجاربك في هذه الحياة، تجاربك طبعا لا تقتصر على ما تعيشه انت و الا فلن تكفيك حتى لبناء قارب نجاة، و انما تتوسع تجاربك بالقراءة كتب تجارب غيرك و قراءة آيات الله في الكون المحيط بك من المخلوقات فتتوسع مداركك و تتقوى صواري اشرعتك فتسافر في أمان في اتجاه رياح اقدار العناية الربانية.

ان فجر الحكمة لا يعرف الغروب لان نور الله اذا اشرق في القلب لا يتبعه ظلام ، جاء في آي الذكر الحكيم في سورة الأنبياء آية 18، “بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ”.

من اراد بحر الحكمة ترك ساحل الوهم و من قصد نور العلم نفر من ظلمة الجهل و من رام وجه الحق جاز مهالك النفس الأمارة بالسوء. 

فمن اراد الحضرة فعليه خلع نعلي فعاله الحسية و المعنوية ، أو قل فليتجرد من احساسه بفعل الجوارح و ليخلع شعوره بعمل القلب فلا فاعل في الاصل الا هو سبحانه  جاء في سورة الصافات آية 96،  “و الله خلقكم و ما تعملون”

أن رفع مشعل جذوة النار لا يقصد به فقط إنارة الطريق بل ايضا التدفئة فكذلكم قصد موسى عليه السلام حين قصد الوادي المقدس طوى عله يقتبس جذوة من نور تهدي طريقه في ظلام الغفلة و تدفئ روحه في نفس الآن بحرارة الايمان وسط برد جحود العباد، فكانت لحظة انسه و سعادته لما فارق الاهل بقوله امكثوا في إشارة لضرورة ترك الاهواء لدخول حضرة القدس.

و من بزغ فجره و تفتقت بصيرته و فاضت ينابيع روحه تناغمت تسبيحاته القلبية مع ترانيم الوجود.

 


مشاهدات 0
الكاتب محمد غاني
أضيف 2025/11/12 - 2:55 PM
آخر تحديث 2025/11/15 - 10:53 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 63 الشهر 11099 الكلي 12572602
الوقت الآن
الأحد 2025/11/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير