الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المدينة بين مطرقة وسندان الحداد هاملت

بواسطة azzaman

المدينة بين مطرقة وسندان الحداد هاملت

علي حسين حمدان

 

يتبارى العقل الفاعل الراصد لوقائع الحياة لفتح النوافذ وجعل الابواب مشرعة لكل الانساق السوسيولوجية ليجعل منها نسقا متجانسا لعرض مسرحي بخطية الفكري والجمالي، اذ يتخذ منيرراضي من هاملت شكسبير منطلقا لنصه هاملت في المدينة عبر بوح مونودرامي يمثل تلك الهواجس التي جالت في خلد (هاملت شكسبير) ليضعها في (مدينة الحداد هاملت/ منير) التي تثير تساؤلات عدة العدالة الانتقام الشك الموت الخداع وطبيعة الانسان والوجود والاخلاق، صاغها بخط درامي دقيق ليعقد مقاربة ذكية مع الحاضر تقترب مما فعله شكسبير مسرح داخل مسرح ليحاكم الشخوص ويجعل من الجمهور هو المراقب ليتناغم مع هذا الطرح المخرج (عبد الرضا جاسم) مقترحا المدينة بشكلها القاسي تقترب من قساوة الحدث عند هاملت شكسبير وعند الحداد هاملت الآن، جاعلا من المدينة هيكلا حديدا بسلاسل وزناجيل متدلية يستحضر الشخوص (المتهمين) ليحاكمهم تحت ضربات المطرقة والسندان و وميض وحرارة الة اللحام وشرارة قطع الحديد ليعيد تشكيل وتعديل الشخصيات ويعلقها على اسوار المدينة: هيكل مطلي باللون الاحمر كلوديوس العم المتأمر المهوس بشهوة السلطة قاتل اخية الملك وما اكثر الحالمين بالسلطة والمناصب والوصول غير الشرعي اليها وبولونيوس ذلك الذي ظاهره عكس حقيقته من حكمة وغباء في الوقت ذاته الام (الملكة) الخائنة التي ترتبط علاقتها بسرير الخيانة الزوجية، و(اوفيليا) الضحية النقية النابضة بالحياة وردة حمراء هذه الكتل الحديدية برمزيتها استطاع المخرج ان يرسم حركة هاملت داخل الهيكل الذي اجاد تصميمه السينوغراف سهيل البياتي، ويتفاعل التمثيل مع فضاء العرض والصورة المشهدية برشاقة و مرونة عاليين لنشاهد الفنان جاسم محمد يجيد التعامل مع الحدث والتحولات الدرامية عبر مخيال واعي ودقيق بوصفه الحداد هاملت يهمس في اذن المتلقي محذرا اياه والانتباه من ان يعاد ما حصل معه بالحوار الذي يخاطب فيه هوراشيو  قبل ان يدخل المدينة بسورها الحديدي (علينا الان ان نفرز بين خلطة البر والاثم واي شراكة للنور مع الظلمة)  ليتحول زمن العرض بريختيا عن طريق التأرخة في  هذه اللحظة الى الماضي ويكون زمن هوراشيو (الشاب رسول اياد) هو الان استشرافا للمستقبل لتتظافر الموسيقى بلغتها الدرامية غير المرئية  والتي اعطتها حضوراً تكاملياً مع الديكور والإضاءة في تشكيل الفضاء المسرحي جمالياً  بخطابٍ محمّل بالمتعة والمعاني الدلالية السمعية التي ترافق خطوط الفعل وحبكة العمل الدرامية والتي اجاد توليفها وتنفيذها حسين زنكنة. تحية وتبريكات لهذا الجهد النبيل  والى المزيد من التألق والابداع.

المسرحية عرضت في منتدى المسرح التجريبي مؤخرا.


مشاهدات 114
الكاتب علي حسين حمدان
أضيف 2025/08/21 - 3:19 AM
آخر تحديث 2025/08/21 - 10:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 703 الشهر 15420 الكلي 11410506
الوقت الآن
الخميس 2025/8/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير